للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: صدق. قال: فإنه يقول:

وإذا ما نَسَبْتَها لم تَجِدْها … في سَناءٍ من المكارم دُونِ

قال: صدق. قال: فإنه يقول:

ثم خاصَرْتُها إلى القُبَّةِ الخَضْـ … ـراءِ تمشي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ

قال: كذبَ، ولا كلُّ هذا. ثم ضحك وقال: ما الذي قال أيضًا؟ فقال:

قُبَّةٍ من مَراجلٍ (١) ضربوها … عند حدِّ الشتاء (٢) في قَيطُونِ (٣)

عن يساري إذا دخلتُ من البا … بِ وإن كنت خارجًا عن يميني

تجعلُ النَّدَّ والأُلُوَّةَ والعُو (٤) … دَ صِلاءً ليلًا (٥) على الكانونِ

وقِبابٌ قد أُشْرِجَت وبيوتٌ … فَرَشُوها (٦) بالآسِ والزَّرَجونِ (٧)

فقال معاوية: يا بنيّ إنَّ القتل لا يجبُ بهذا، والعقوبةُ تزيدُه حَنَقًا، فيزيدُ في قوله، ولكن نتجاوز عنه ونَصِلُه. فوصلَه معاوية. فكفَّ عن قوله.

[وقال أبو عُبيدة: هذه الأبيات لأبي دَهْبَل الجُمحي، واسمه وَهْب بن زَمْعة الشاعر، إسلامي، وله ديوان معروف.

وحكى ابنُ عساكر له قصة عجيبة (٨)؛ قال: قدم الشام للغَرو، فنزل دمشق، فجاءته امرأة وهو بجَيرُون، فدفعت إليه كتابًا، فقرأه، فقالت: لو بلغتَ معي إلى هذا القصر، فقرأتَه على امرأة فيه؛ كان لك أجر. فبلغ معها القصر، ودخل، فأغلقت المرأة الباب، وجاءته امرأة جميلة، فدَعَتْه إلى نفسها، فأبى وقال: والله لا أفعلُه إلا حلالًا،


(١) في (ب) و (خ): من طرائف، ووقع في (م): من طرائف من مراجل. وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٢٥، و"الأغاني" ١٥/ ١١٠. والمراجل: القدور النحاس. وسيذكره المصنف.
(٢) في (م): البناء.
(٣) القيطون: المخدع (الحجرة في البيت) وسيذكره المصنف.
(٤) النَّدُّ: ضرب من النبات يُتبخَّر به، والأُلُوَّة والعُود: طِيب يُتبخّر بهما كذلك.
(٥) في "أنساب الأشراف" ٤/ ٢٥، و "الأغاني" ١٥/ ١١٠: لها.
(٦) في "أنساب الأشراف": نظفوها، وفي "الأغاني": نظفت.
(٧) أي: قضبان الكرم.
(٨) تاريخ دمشق ١٧/ ٩٤٠ - ٤٩١ (مصورة دار البشير). وهذا الكلام الواقع بين حاصرتين من (م).