للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طهمورت، وعمل السّيوف والسّلاح، واستخرج الإبريسم والقزَّ، ورتَّب الناس أربع طبقات: طبقة مقاتلة، وطبقة علماء، وطبقة خدماء، وطبقة كتّابًا وصناعًا وحرّاثين ونحوهم. وعمل أربع خواتيم: خاتمًا للحرب والشُّرطة وكتب عليه "الأناة"، وخاتمًا للخراج وجباية الأموال وكتب عليه "العمارة"، وخاتمًا للبريد وكتب عليه "الوحى"، وخاتمًا للمظالم وكتب عليه "العدل" (١). قال جدي في كتاب "التبصرة": فبقيت هذه الرسوم في ملوك الفرس إلى أن جاء الإسلام (٢).

قلت: ولو استعملت هذه الرُّسوم في ملك الإسلام أيضًا لكان أولى، لأنَّ الرَّعية من أحوج الناس إليها.

وألزم جَمْ شيد أهل الشّرّ والفساد الأعمال الصَّعبةَ من قطع الصخور من الجبال، وعمل الحمَّامات، واستخراج المعادن من البحار كالذهب والفضَّة والجوهر والياقوت، وأحدث النَّيروز فجعله عيدًا. ولمَّا طال عمره تجبر وطغى وادَّعى الرُّبوبيَّة (٣).

قال جدي في "أعمار الأعيان": عاش جَمْ شيد تسع مئة سنة وستين سنة (٤). فسار إليه الضحَّاك واسمه بيوراسب بن الأهبوب.

واختلفوا في الضَّحاك: فقال قوم: هو من ولد جيومرت، وقيل: إنَّ الضحَّاك ابن أخت جَمْ شيد، كان جم قد زوَّج أخته من بعض أشراف بيته فولدت الضحَّاك، وقيل: إنما زوَّجها جَمْ من الأهبوب، فولدت الضحَّاك. فسار إليه الضحَّاك، فهرب بين يديه، فتبعه فظفر به، فقال له: مثلك يدَّعي الرُّبوبية فإن كنت إلهًا فادفع عن نفسك، فنشره بمنشار -ذكره الجوهري بنون (٥). وغيره يقول: ميشار بالياء- وملَكَ الضحَّاك ألف سنة، وكان يدين بدين البراهمة (٦).


(١) النقل من "التبصرة" ١/ ٥٢ - ٥٣، والمنتظم ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧، وانظر "تجارب الأمم" ١/ ٦.
(٢) "التبصرة" ١/ ٥٣، و"تجارب الأمم" ١/ ٦.
(٣) وانظر "التبصرة" ١/ ٥٣، و "تجارب الأمم" ١/ ٧.
(٤) "أعمار الأعيان" ص ١٢٧.
(٥) "الصحاح": (نشر).
(٦) انظر "تجارب الأمم" ١/ ٧، و"التبصرة" ١/ ٥٣، والمنتظم ١/ ٢٣٧.