للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشهد القادسية هو وثلاثة إخوة له: عبدُ الله وأبو بكر والمنتشر بنو الأجدع، فقُتلوا، وجُرح مسروق فشَلَّت يدُه، وأصابَتْه في رأسه آمَّة (١)، وكان يقول: ما يسرُّني أنها ليست بي.

وسمِّي مسروقًا لأنه سُرق وهو صغير.

وكان إذا دخل على عائشة تقول: خُوضُوا لابني عَسَلًا (٢).

وشفع مسروق لرجل في شفاعة، فأهدى له جارية، فغضب وقال: لو علمتُ أنَّ هذا في نفسك ما تكلَّمتُ ولا أتكلَّمُ في حاجتك أبدًا، سمعتُ عبد الله بنَ مسعود يقول: مَنْ شفع شفاعةً ليردَّ بها حقًّا، أو يدفعَ بها ظلمًا، فأُهديَ له هديةٌ، فقبلَها، فذلك سُحْتٌ، فقيل له: ما كنَّا نرى السحت إلا أخذ الرِّشْوة على الحكم. فقال: أخْذُ الرِّشْوة على الحكم كفر (٣).

وكان مسروق فاضلًا، ولا يأخذ على القضاء رزقًا، ولما وليَ القضاء قيل له: ما حملكَ على هذا؟ قال: ثلاث شياطين (٤): إبليس وزياد وشُريح، لم يَدَعُوني حتى (٥) أوقعوني فيه.

وقال الشعبي: كان مسروق أعلمَ من شُريح بالفتوى، وكان شُريح أعلمَ منه بالقضاء، وكان شُريح يستشير مسروقًا (٦).

وكان يصلي حتى تتورَّم قدماه، فكانت امرأتُه تجلسُ خلفَه، فتبكي رحمةً له ممَّا يصنع بنفسه (٧).

وقال مسروق: إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره من الله تعالى (٨).


(١) أي: ضربة في رأسه بلغت أمَّ الرأس.
(٢) بنحوه في "الطبقات" ٨/ ٢٠٠.
(٣) المصدر السابق ٨/ ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٤) كذا في (ب) و (خ): ولم أقف على هذا اللفظ في مصادر الخبر.
(٥) في (ب) و (خ): لم يدعوا لي حق حتى. . . والصواب ما أثبتُّه، ولفظه في "طبقات ابن سعد" ٨/ ٢٠٤، وتاريخ دمشق ٦٧/ ١٠٥ - ١٠٦ (طبعة مجمع دمشق): لم يدعني ثلاثة: زياد وشُريح والشيطان حتى. . .
(٦) طبقات ابن سعد ٨/ ٢٠٤، وتاريخ دمشقق ٦٧/ ٩٨.
(٧) تاريخ دمشق ٦٧/ ١١١، وبنحوه في "طبقات" ابن سعد ٨/ ٢٠٢.
(٨) أعمار الأعيان ص ٢٨.