للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشاميُّ على بغلة، فاختلفا ضربتين، قَتَلَ كلُّ واحد منهما صاحبَه، وعلمَ ابنُ الزُّبير، فركب بغلةً وخرج إليهم، وصاح بالمسور وفرسانه، وقاتلوا قتالًا شديدًا إلى الليل (١).

وكان المختار بن أبي عُبيد يومئذ في مكة عند ابن الزُّبير، فقاتل قتالًا شديدًا، ولما قُتل المنذرُ والمِسْوَر بنُ مخرمة ومصعبُ بنُ عبد الرحمن بن عوف نادى المختار (٢): يا أهل الإسلام، إليَّ إليَّ، أنا المختار بنُ أبي عُبيد، صاحبُ الجسر، أنا ابنُ الكرَّار، لا ابنُ الفرَّار، أنا ابنُ المُقْدِمِين غيرِ المُحْجِمين، إليَّ يا أهلَ الحِفاظ وحُماةَ الأَدْبار.

وردُّوا أهل الشام على أعقابهم. ثم إنَّهم (٣) تحاجزوا.

وهذا أوَّلُ يوم ناجزوه ونازلوه، ثم أقاموا يُقاتلونه بقيَّة المحرّم وصفَر كلَّه وثلاثةَ أيام من ربيع الأول، آخرها يوم السبت.

فلما كان يوم السبت (٤) رابع ربيع الأول، قذفوا البيت بالمناجيق (٥)، وفيها قُدور النِّفْط والنار. وارتجز أهل الشام:

خطَّارةٌ مثل الفَنِيقِ المُزْبِدِ (٦) … نرمي بها أعوادَ هذا (٧) المسجد

وجعلَ عَمرو بنُ حَوْط السَّدوسي يقول:

كيف تَرَى صنيعَ أمِّ فَرْوَه … تأخذُهُم بين الصَّفا والمَرْوَه

وأمُّ فَرْوةَ والخطَّارة هي المنجنيق.

واحترقت الكعبة، [واختلفوا في سبب حريقها على أقوال، ذكرها الواقدي قال: احترقت الكعبة] يوم السبت لثلاث ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين قبل أن يأتيَ نَعْيُ يزيد بن معاوية بتسعة وعشرين يومًا، وجاء نعيُه لهلال ربيع الآخِر ليلةَ الثلاثاء.


(١) ينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٧٦ - ٣٧٧، و"تاريخ" الطبري ٥/ ٤٩٧.
(٢) لفظ العبارة في (ب) و (خ): ولما ولى المنذر والمسور بن مخرمة ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف قد قتلوا نادى المختار. . . (؟) والمثبت من "تاريخ" الطبري ٥/ ٥٧٥.
(٣) في (ب) و (خ): على أنهم. والمثبت من (م) والكلام فيها مختصر.
(٤) في (م): السنة الرابعة والستون. ذكر حريق البيت وقذفه بالمناجنيق (كذا). قالوا: فلما كان يوم السبت. . .
(٥) كذا في (ب) و (خ)، يعني جمع المنجنيق. والذي في "القاموس" أن الجمع: مجانق ومجانيق.
(٦) الفَنِيق: الصُّبح المشرق، والمزْبِد: شديد البياض، والخطَّارة المنجنيق وسيرد.
(٧) في (م): عُوَّاذ أهل.