للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال يزيد بن رُومان: شهدتُ [ابنَ] الزُّبير حين هَدَمَ البيت وبناه، وأدخلَ فيه من الحِجْر، وقد رأيتُ أساسَ إبراهيم حجارة كأسنمة البُخْت. قال جرير بن حازم: فقلتُ ليزيد بن رُومان: أين موضعُه؟ قال: أُرِيكَهُ الآن. فدخلتُ معه الحِجْر، فأشارَ إلى مكان، وقال: ها هنا. فَحَزَرْتُ من الحِجْرِ ستَّةَ أذرع، أو نحوها (١).

وقال عبد الله بن الزُّبير : قالت عائشة: قال رسول الله : "لولا أنَّ الناسَ حديثُ عهدٍ بكفر، وليس عندي من النفقة ما أتقوَّى به علي بنيانه؛ لكنتُ أُدْخِلُ فيه من الحِجْرِ خمسة أذرع". وذكر الحديث.

ثم قال ابن الزبير: فأنا اليوم أجدُ ما أُنفق، ولستُ أخاف الناس. فزاد فيه خمسةَ أذرع من الحِجْر، حتى إذا بدا الأساس (٢) نظر الناسُ إليه، فبنى البناء. وكان طولُ الكعبة ثمانيةَ عشرَ ذراعًا (٣). فلما زاد فيه استقصره، فزاد في طوله عشرة أذْرُع، وجعل له بابين.

فلمَّا قُتل ابنُ الزُّبير كتبَ الحجَّاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك، وأن ابنَ الزُّبير قد وضع البناءَ على أساسٍ نظر إليه العُدُول من أهل مكة، فكتب إليه عبدُ الملك: لسنا من تلطيخ ابنِ الزُّبير في شيء، أمَّا ما زاد في طوله، فأقرَّه، وأمَّا ما زاد من الحِجْر، فرُدَّه إلى بنائه، وسُدَّ الباب الذي فتحَه. فنقضه الحجَّاج، وأعاده إلى بنائه.

[و] بينا عبدُ الملك يطوفُ بالبيت إذ قال: قاتلَ اللهُ ابنَ الزُّبير حيث يكذبُ على أمِّ المؤمنين حيث يقول: سمعتُها تقول كذا وكذا. فقال له الحارث بنُ عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي: لا تَقُلْ هذا يا أمير المؤمنين، فأنا سمعتُها تُحدِّثُ هذا. فقال عبد الملك: لو كنتُ سمعتُه قبلَ أن أهدمه لتركتُه على ما بنى [ابنُ] الزبير (٤).


(١) صحيح البخاري (١٥٨٦).
(٢) في "صحيح" مسلم (١٣٣٣): (٤٠٤): حتى أبدى أُسًّا.
(٣) في "صحيح" مسلم: ثماني عشرة ذراعًا. والذراع يذكّر ويؤنّث.
(٤) صحيح مسلم (١٣٣٣): (٤٠٢)، والذي قبله فيه برقم (٤٠٢).