للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: فإنْ أنا قُتلتُ، فأميرُ الناس المسيِّب بن نَجَبَة، فإنْ أُصيب المسيِّب، فعبدُ الله بنُ سعد بنِ نُفيل، فإنْ أُصيب؛ فعبدُ الله بن وال، فإن أصيب، فرِفاعة بن شدَّاد.

ثم بعث المسيّبَ بنَ نجَبة في خمس مئة (١) فارس، وقال: سِرْ حتى تلقى أوائلَ عسكرهم، فشُنَّ عليهم الغارة، فإنْ رأيتَ ما تُحبُّ؛ وإلَّا فعُدْ إلينا.

فسار نحو القوم، فلقُوا راعيًا من الأعراب يطرُدُ أحمرةً ويقول:

يا مالِ لا تَعْجَلْ إلى صحبي … واسْرَحْ فإنك آمنُ السِّرْبِ

فاستبشرَ بقوله، وساروا، فوقعوا على عسكر ذي كَلاع وهم غارُّون (٢)، فحملوا عليهم، فانهزموا، وتركوا عسكرَهم وما فيه، فحازه المسيّب وقال: الرَّجْعة، فإنكم قد غنمتُم وسلمتُم.

فعادوا إلى أصحابهم، وبلغ عُبيدَ الله بنَ زياد، فسرَّح إليهم الحُصينَ بنَ نُمير السَّكوني في اثنَيْ عشرَ ألفًا، فجاء إلى عين وَرْدَة يوم الأربعاء لثمان ليال بقين من جمادى الأولى، وجعل ابنُ صُرَد على ميمنته عبدَ الله بنَ سعد بنِ نُفيل، وعلى ميسرته المسيّب بن نَجَبَة، ووقفَ سليمان في القلب، وجعلَ الحُصين على ميمنته حملة (٣) بن عبد الله، وعلى ميسرته ربيعة بن المخارق الغَنَويَّ، فنادَوْا: ادْخُلوا في طاعة أمير المؤمنين، وقال التَّوابون: ادفعوا إلينا عُبيدَ الله بنَ زياد لنقتلَه ببعض قَتَلَةِ الحسين (٤)، ثم نردَّ هذا الأمر في بيت نبيِّنا . فأبَوْا عليهم، والتقَوْا واقتتلُوا، وكان الظَّفَرُ للتوَّابين.

فلما كان من الغد قدم عليهم من ذي الكَلاع ثمانيةُ الاف؛ أمدَّهم به ابنُ زياد، فاقتتلُوا اليوم الثاني إلى الليل، وكثُرت الجِراح في الفريقين.


(١) في "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٥، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٥٩٦ و"الكامل" ٤/ ١٨١: أربع مئة.
(٢) أي: غافلون، جمع غارّ.
(٣) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٥٩٨: جَبلَة، وفي "الكامل" ٤/ ١٨٢: جملة.
(٤) ودعَوْهم أيضًا -كما في "تاريخ الطبري" ٥/ ٥٩٨ - إلى أن يخلعوا عبدَ الملك بنَ مروان، وأن يُخرَج مَنْ ببلادهم من آل ابن الزبير. وبنحوه في "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٥، و"الكامل" ٤/ ١٨٢.