للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتَّى تلقى جيش ابنِ أنس، فارْدُدْهم معك، وسِرْ حتَّى تلقى عدوَّك، فتُناجزَهم. فخرج ابنُ الأشتر، فعسكر بحمَّام أعْيَن. وهذه رواية هشام (١).

وقال أبو مِخْنَف (٢): لما مات يزيدُ بنُ أنس اجتمع أشرافُ أهلِ الكوفة وقالوا: قُتل ابنُ أنس، وتأمَّر هذا الرَّجل علينا بغير رضًا منَّا. يعنون المختار. ولقد أدنى عبيدَنا، فأطمعهم فينا. واتَّعدوا منزل شَبَث بن رِبْعيّ، وقالوا: نجتمع في بيت شيخنا وكبيرنا. وكان شَبَث جاهليًّا إسلاميًّا. وتحدَّثوا وقالوا: لم يكن شيء أشدَّ علينا ولا أعظم من جَعْلِ المختار للموالي والعبيد من الفَيء نصيبًا (٣)، فقال لهم شَبَث بنُ رِبْعيّ: دعُوني ألقى المختار.

فلقيَه في منزله، فذكر خصالًا نقموها على المختار، فقال: أنا أُرضيهم بكلِّ ما أحبُّوا. قال شَبَث: فتردُّ عبيدَهم إليهم، ولا تجعلُ لهم نصيبًا في الفيء. فقال: أنا أفعل ذلك؛ على أن تُقاتلوا معي بني أمية وابنَ الزُّبير. فقال شبث: ما أدري حتَّى أخرج (٤) إلى أصحابي، وأُفاوضَهم في ذلك. وخرج فلم يعد إليه.

واتفقوا على قتال المختار، وهم: شَبَث بن رِبْعيّ، وشَمِر بن ذي الجَوْشَن، ومحمَّد بن الأشعث، وعبد الرَّحْمَن بن سعيد بن قيس، وكعب بن أبي كعب الخثعمي، وأشراف أهل الكوفة، وقالوا: زَعَمَ أن محمَّد بن الحنفية ولَّاه، ولم يكن كذلك.

قال: وأشار عليهم عبد الرَّحْمَن بنُ مِخْنَف أن لا تفعلوا، وقال: أخافُ أن تتفارقوا وتتخاذلوا وتختلفوا (٥)، ومع المختار فرسانُكم وشُجعانكم، منهم فلان وفلان، ثم معه مواليكم وعبيدُكم، وكلمتُهم واحدة، وعبيدكم (٦) أشدُّ حنقًا عليكم من عدوّكم، فهو مُقاتِلُكُم بشجاعة العرب، وعدواة العجم، وإن انتظرتموهم قليلًا كُفيتُموهم بقدوم أهل


(١) تاريخ الطبري ٦/ ٤٢ - ٤٣. والرواية فيه عن هشام عن أبي مخنف.
(٢) المصدر السابق.
(٣) في (ص): شيئًا.
(٤) في (ب): أرجع. وفي هذا الموضع نهاية الكلام الذي سها فيه ناسخها، وأشرفُ إليه من قبل.
(٥) في (أ): يتفارقوا ويتخاذلوا ويختلفوا.
(٦) في (ص): وعبيدهم.