للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذا الغدير كفاهم مدَّة الصيف، ثمَّ ركبَ إليه يومًا فلم يرَ فيه شيئًا، فقال: لقد رأيتُه ذات يوم، فظننتُ أنَّه يكفيهم.

وذكروا عنه أشياء، واستخفَّ بالأشراف، وسفك الدم، فكتب الأحنف بنُ قيس إلى عبد الله بن الزبير يخبره ويقول: أَعِدْ إلينا مصعبًا. فعزله.

ولما شخص حمزة من البصرة أخذ معه بيوت الأموال، فلم يَدَع فيها شيئًا، ولما قدم الحجاز لم يذهب بالمال إلى أبيه، بل أتى المدينة، فأودَعَه رجالًا، فذهبوا به. وهذه روايات عُمر بن شَبَّة (١).

وأمَّا هشام؛ فإنَّه روى عن أبي مِخْنَف أنَّ المصعب بنَ الزُّبير لما قتلَ المختارَ أقام بالكوفة سنةً معزولًا عن البصرة؛ عزلَه عنها أخوه عبدُ الله بابنه حمزة، ثمَّ وفد المصعب على أخيه عبد الله بمكة، فأعاده إلى البصرة.

ويقال: إن المصعب لمَّا أعاده أخوه إلى البصرة استخلفَ على الكوفة الحارثَ بنَ عبد الله بن أبي ربيعة (٢).

قلت: والمشهورُ أنَّ المصعب بنَ الزُّبير بعد ما قتلَ المختارَ؛ قدمَ على أخيه عبد الله بمكة، واستخلفَ على الكوفة إبراهيم بنَ الأشتر.

وكان قد استمال ابنَ الأشتر، وذلك لأنَّ المصعب لما قتلَ المختارَ كتب عبدُ الملك بنُ مروان إلى ابن الأشتر: ادْخُلْ في طاعتي ولك العراق. فقال: ذاك لو لم أقتل ابنَ زياد وأشرافَ أهل الشام.

وكتب إليه مصعب: ادْخُلْ في طاعتي ولك الشام. فمال إلى مصعب، وقدم عليه، فأكرمه، ولم يزل معه حتى قُتلا.

ولمَّا سارَ المصعب إلى مكة واستخلفَ ابنَ الأشتر على الكوفة، قال له أخوه عبد الله بن الزبير: من استخلفتَ على الكوفة؟ فقال: ابنَ الأشتر. فقال له عبد الله: عمدتَ إلى راية خَفَضَها الله، فرفعتَها، فقال مصعب: إبراهيم سيِّدُ (٣) مَنْ خلفي، إن


(١) ينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ١١٧ - ١١٨.
(٢) ينظر المصدر السابق ٦/ ١١٨.
(٣) في (م): سند.