للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابنُ عساكر: وكان يُكنى أبا حفص، وكان يواجهُ أصحاب رسول الله بالعظائم؛ قال لعائذ بن عَمرو، إنما أنت من نُخالة (١) أصحاب محمَّد (٢).

وقال لزيد بن أرقم: أنت شيخ قد خرفت (٣).

قلت: وقد أخرج أحمد في "المسند" (٤) وغيرُه طرفًا من هذا، فقال: حدَّثنا يزيد بن هارون بإسناده عن الحسن قال: دخل عائذ بن عمرو على عُبيد الله بن زياد، فقال له: إني سمعتُ رسولَ الله يقول: "شَرُّ الرِّعاءِ الحُطَمة" فإيَّاك أن تكونَ منهم. فقال: اجلس، فإنَّما أنتَ من (٥) نُخالة (٦) أصحاب محمَّد . فقال: وهل كانت فيهم نُخَالة؟! إنما النُّخَالةُ بعدهم. أخرجه مسلم بمعناه (٧).

وروى ابنُ عساكر عن الحسن قال (٨): قدم علينا ابنُ زياد أميرًا على البصرة؛ أمَّره معاوية؛ غلامًا سفيهًا يسفك الدماء سفكًا شديدًا، وفينا عبد الله بنُ المُغفَّل المزني صاحب رسول الله ، وكان عبد الله بن مُغَفّل من السبعة (٩) الذين بعثهم عمر إلى أهل البصرة يفقّهونهم. فدخلَ على عُبيد الله بن زياد ذات يوم، فقال له: يا ابنَ زياد، انْتَهِ عمَّا أراك تصنع، فإنَّ شرّ الرِّعاءِ الحُطَمة. فقال له ابنُ زياد: ما أنتَ وذاك؟


(١) في (أ) و (ب) و (خ) و (م): حثالة. والمثبت من (ص)، وهو الموافق لمصادر الخبر.
(٢) تاريخ دمشق ٤٤/ ٢٣٢ (طبعة مجمع دمشق). والخبر عند مسلم (١٨٣٠). وسيذكره المصنف عن أحمد.
(٣) قال ابنُ زياد ذلك لزيد لما قال له زيد: اعْلُ بهذا القضيب عن هاتين الثَّنِيَّتَين -يعني ثَنِيَّتَي الحسين وقد كان ابن زياد ينكتُ بهما- فو الذي لا إله غيره لقد رأيتُ شفتي رسول الله على هاتين الشفتين يقبِّلُهما. ينظر "أنساب الأشراف" ٢/ ٥٠٤ - ٥٠٥، و"تاريخ" الطبري ٥/ ٤٥٦، وقد سلف الخبر ص ١٥١.
وأخرج أحمد (١٩٢٦٦) أن ابنَ زياد قال لزيد بن أرقم : ما أحاديثُ تُحدِّثُها وترويها عن رسول الله لا نجدُها في كتاب الله ﷿، تحدِّثُ أنَّ له حوضًا في الجنة؟ قال: قد حدَّثناه رسول الله ووعَدَناه. قال: كذبت، ولكنك شيخ قد خرفت. قال: إني قد سمعَتْه أُذناي ووعاه قلبي. . .
(٤) مسند أحمد (٢٠٦٣٧)، وهو حديث عائذ بن عمرو الذي ذكره أولًا.
(٥) في (ب) و (خ) و (م): رجل من.
(٦) المثبت من (ص)، وفي غيرها: حُثالة.
(٧) صحيح مسلم (١٨٣٠).
(٨) تاريخ دمشق ٤٤/ ٢٢٧ (طبعة مجمع دمشق).
(٩) في "تاريخ دمشق": التسعة.