للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكان خارجيًّا، ثمَّ صار زُبيريًّا (١)، ثمَّ صار شيعيًّا وكَيسانِيًّا (٢). وكان يدعو إلى محمَّد بن الحنفيَّة ويزعم أنَّه من أصحابه، ولمَّا علم محمَّد بذلك تبرَّأَ منه، وقال: إنَّما يموّه بنا على الناس ليتمَّ أمرُه.

قال: ومن مذهب المختار أنَّه يُجوِّز البَدَاءَ على الله تعالى، وهو أنْ يأمرَ بشيء، ثمَّ يأمرَ بعده بخلافه، وإنما ذهبَ إلى هذا لأنَّه كان يدَّعي علم ما يظهر من الأحوال؛ إمَّا بِوَحْيٍ يُوحَى إليه، أو برسالةٍ من الإمام، فكان إذا وعدَ أصحابه بشيء؛ فإنْ وافق كونُه [قولَه] اعتقدوا صحة ما قال، وإن لم يوافق؛ قال: بدا لربِّكم (٣).

وكان لا يُفرِّقُ بين النَّسخ والبَدَاء، وذلك لأنَّ النسخ عبارةٌ عن الرفع أصلًا، والبَدَاء عبارةٌ عن امتداد الحكم إلى وقت معيّن، ثمَّ يرتفع.

قلت: وما ذهب إليه المختار مذهبُ اليهود، فإنَّهم لا يُفرِّقون بين النسخ والبَدَاء، وقد استوفينا الكلام فيه في التفسير (٤).

قال (٥): وكان المختار مُمَخْرِقًا؛ ابتدعَ أشياء، منها الكرسيّ، وأنَّه من ذخائر أمير المؤمنين، وجعلَه مثل التابوت لبني إسرائيل.

وكان يزعُم أنَّ جبريل يأتيه بالوحي. وذكر أشياء.

وقال هشام: كان مع أبيه يوم الجسر، وكان له يومئذٍ ثلاثَ عشرة سنة، وكان صاحبَ همَّة؛ كان يقول في صغره: واللهِ لأعلُوَنَّ منبرًا بعد منبر، ولأهزمنَّ عسكرًا بعد عسكر، ولأُخِيفَنَّ أهلَ الحرمين، ولأدعونَّ (٦) أهل المشرقين والمغربين، ولأجهِّزنَّ من الجيوش مئين، وإن خبري لفي زُبُر الأوَّلِين.


(١) في النسخ الخطية: زيديًّا، والمثبت من "الملل والنِّحل".
(٢) في النسخ الخطية: وكاسانيًا. والمثبت من المصدر السابق.
(٣) الملل والنِّحل ١/ ١٩٧ - ١٩٨، وما سلف بين حاصرتين منه.
(٤) النسخ: نقلُ العِباد من حُكْم إلى حكم لضَرْبٍ من المصلحة، بينما البَدَاء: أن يبدوَ ويظهرَ ما لم يكن ظاهرًا، وهو مستحيل على الله ﷿. ينظر "الغُنْية في أصول الدين" ص ١٥٦، و"تفسير" القرطبي ٢/ ٣٠٣ (الآية: ١٠٦ من البقرة) و"كشاف اصطلاحات الفنون" ١/ ٣١٣.
(٥) بنحوه في المصدر السابق.
(٦) في "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٨: ولأُذعرنَّ. وهو الأشبه.