للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشعث وغيره، فشَكَوْا إليه ما لَقُوا من المختار، وسألوه المسير إليه معهم إلى الكوفة يستنصرون به. وكان المختار قد هدم دار ابنِ الأشعث.

قلت: وقولُ الطبريّ: إن شَبَث بن رِبْعيّ ومحمد بن الأشعث قدما على مصعب البصرة: وهمٌ (١)، فإنَّ مصعبًا إنما وليَ البصرة في هذه السنة. ولما قدموا البصرة عامَ أوَّل كان عليها القُباع (٢)، وعزلَه ابنُ الزبير وولَّى أخاه مصعبًا، وذلك بعد قتلِ مَنْ قتلَ المختارُ مِنْ قَتَلَةِ الحسين.

قال أبو مِخْنَف: ولما كثَّر أهلُ الكوفة على المصعب وحرَّضوه على قصد المختار، قال: لا أَسِيرُ إليه حتى يَقْدَمَ المهلَّبُ بنُ أبي صُفْرة. وكتب إلى المهلَّب، فأبطأ عليه، وكان المهلَّب يكره قتال المختار، فقال مصعب لابن الأشعث: سِرْ إلى المهلَّب فاسْتَحِثَّه. فسار ابنُ الأشعث بكتاب مصعب إلى المهلَّب، فقال له المهلَّب: أما وجدَ مصعبٌ بريدًا غيرك -أو مثلك- يا محمَّد تأتي بريدًا؟ " فقال محمَّد: ما أنا ببريد، غير أنَّ نساءنا وأبناءنا قد غَلَبَنا عليهم عبيدُنا وموالينا.

فسار المهلَّب بجيوش عظيمة، وخرجَ مصعب من البصرة، وقدَّمَ (٣) بين يديه عبَّاد بن الحُصين الحَبَطيّ التميمي، وبعثَ عمرَ بنَ عُبيد الله بن معمر على ميمنته، والمهلَّب على ميسرته، ورتَّب القبائل؛ في كل قبيلة أعيانهم؛ كمالك بن مِسْمَع في بكر بن وائل، والأحنف بن قيس علي بني تميم، وزياد بن عَمرو الأزدي في الأزد، وقيس بن الهيثم على أهل العالية.

وبلغ المختارَ، فقام خطيبًا وقال: يا أهل الحقّ وأنصار الله، إنَّ فُرَّارَكم الذين بَغَوْا عليكم قد أَتَوْكم بأشباههم من الفاسقين، فعليكم بالصبر والثبات. وذكر كلامًا في هذا المعنى.


(١) في (أ) و (ب) و (خ): وهو وهم. والمثبت من (ص)، وهذه الفقرة ليست في (م).
(٢) هو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة. وينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ٩٣.
(٣) لفظ: "مصعب من البصرة وقدَّم" سقط من (خ).