للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قلت: وهذا أحدُ الأقوال.]

وقال شقيق (١): خطب ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرأ ويُفسِّر، فجعلتُ أقول: ما رأيتُ ولا سمعتُ كلام رجلٍ مثلَه، لو سمعَتْهُ فارسٌ والروم لأسلَمَت (٢).

[قال: وكان طاوس يقول. كان ابنُ عباس قد بَسَقَ (٣) فِي العلم كما تبسق النخلة السَّحُوق على الوديّ الصغار (٤).

وحكى الموفَّق (٥) أن امرأةً ولَدَتْ لستة أشهر، فهمَّ عمر برجمها، فقال له ابنُ عبَّاس: ليس عليها ذلك؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥]، وقال: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَينِ﴾ [لقمان: ١٤]، فإذا أسقطنا العامين من ثلاثين شهرًا، بقي ستة أشهر مدةُ الحمل. فصار عمر إلى قوله.

قال الموفَّق: وقيل: إنَّ القائل لذلك عليُّ بن أبي طالب.

قلت: وهو الأصحّ.

وقد ذكرنا أنَّ عليًّا قال ذلك لعثمان] (٦).

وقال عكرمة: كان عمر يُعِدُّ ابنَ عبَّاس للمعضلات، مع اجتهاد عمر ونظره.

وقال أبو صالح: لقد رأيتُ من ابن عبَّاسٍ مجلسًا، لو أنَّ [جميع] قريش فخرت به لكان فخرًا، رأيتُ الناسَ قد اجتمعوا إليه حتَّى ضاقَ بهم الطريق، فدخلتُ عليه، فأخبرتُه، فقال: ضَعْ لي وَضوءًا. فوضعتُ له، فتوضأ، ثم جلس وقال: اخْرُجْ فقل:


(١) فِي (ص) و (م): وروى أبو نعيم أيضًا عن شقيق قال … وما سلف بين حاصرتين منهما.
(٢) حلية الأولياء ١/ ٣٢٤، وصفة الصفوة ١/ ٧٥٣.
(٣) فِي (ص) (والكلام منها، وهو ما بين حاصرتين): يسبق. والمثبت من "صفة الصفوة" ١/ ٧٥٣، و"مختصر تاريخ دمشق ١٢/ ٣٠٨. وبَسَقَ النخلُ: طال
(٤) النخلة السَّحُوق، أي: الطويلة، والوَدِيّ: صفار الفسيل، الواحدة: وَدِيَّة.
(٥) التبيين فِي أنساب القرشيين ص ١٥٨.
(٦) من قوله: قال: وكان طاوس … إلى هذا الموضع (وهو ما بين حاصرتين) من (ص). وقول طاوس فِي "صفة الصفوة" ١/ ٧٥٣.