للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما قَتَلَ عبدُ الملك عَمْرًا قال: واللهِ إنَّ بني أمية عندي لأعزُّ من دم النواظر، ولكن -واللهِ- ما اجتمعَ فحلان في شَوْل (١) إلا وأخرجَ أحدُهما صاحبَه، وإن كان عَمرو لحمَّالًا للعظائم، نهَّاضًا بالمكارم.

و [قال الواقدي: لما قتلَ عبد الملك عَمرًا]، كان قد كتبَ له كتابَ أمان، وأشهدَ شُهودًا، فبعثَ إلى امرأة عَمرو يطلبُه (٢)، فقالت: دفنتُه معه في أكفانه لِيحاكمك غدًا بين يدي الله تعالى.

وقال عبد الملك لبَشِير بن عَقْرَبَة الجُهني: ما رأيُك (٣) في الذي كان منِّي؟ فقال: أمرٌ قد فاتَ دَرْكُه. فقال: لا بدَّ أن تقول. قال: ما فعلتَه ليس بحزم. قال: ولمَ؟ قال: لو قَتَلْتَهُ وحَيِيتَ؛ كان. قال: [أولستُ بِحَيّ؟! قال: لا. قال: ولم؟! قال: ليس بحيِّ من أوقفَ نفسه موقفًا لا يُوثَق له بعَهْد ولا] عَقْد. فقال عبد الملك: لو طرق سمعي هذا الكلام لمَا قتلتُه (٤).

قال الإمام أحمد بن حنبل (٥): حدَّثنا سعيد بن منصور، حدَّثَنا حُجْر بنُ الحارث الغسَّاني، عن عبد الله بن عوف الكِناني أنه شهد عبد الملك بن مروان قال لبَشِير بن عَقْرَبة يوم قَتَلَ عمرَو [بن سعيد]: يا أبا اليمان، إني قد احتجتُ اليوم إلى كلامك، فقم وتكلَّمْ. فقال: سمعتُ رسولَ الله يقول: "من قامَ بخطبةٍ لا يَلْتَمِسُ بها إلا رِياءً وسُمْعةً؛ وقَفَهُ اللهُ تعالى يومَ القيامة موقفَ رِياءٍ وسُمْعَة".


(١) في "أنساب الأشراف" ٥/ ٣٤: هجمة، وفي "العقد الفريد" ٤/ ٤٠٩: ذَوْد، والمعنى متقارب، يعني العدد من النُّوق.
(٢) المثبت من (أ) و (م). وفي النسخ الأخرى: تطلقه. وما سلف بين حاصرتين من (م) وينظر "تاريخ الطبري" ٦/ ١٤٦ - ١٤٧.
(٣) لم يصرَّح هنا في (م) باسم الرجل فجاء فيها: فقال لرجل كان يستشيره: ما رأيك … إلخ. ثم ذُكر فيها بعد ذلك كما في التعليق التالي. وبشير بن عَقْرَبة -ويقال: بِشْر- له ولأبيه صُحبة، ومات هو بعد سنة خمس وثمانين. ينظر "الاستيعاب" ص ٨٧.
(٤) بعدها في (م): وقيل: إن الرجل المستشار يقال له: بشير بن عقربة. (وينظر التعليق السابق). وما سلف بين حاصرتين من (م). وينظر "العقد الفريد" ١/ ٧٩ و ٤/ ٤٠٩.
(٥) مسند أحمد (١٦٠٧٣) وما سيرد في الحديث بين حاصرتين منه.