للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدرك رسولَ الله وروى عنه، وكان مشهورًا بالشجاعة والفضل والجهاد. وأصله من البصرة، وعلى يده فُتحت سَرَخْس.

وفي سنة ثلاث وثلاثين جمعَ قارن جمعًا كبيرًا بباذَغِيش (١) وهَراة، [فأقبلَ في] أربعين ألفًا، فلقيَه عبدُ الله بنُ خازم في أربعة آلاف، فقتلَ قارنًا، وهزمَ أصحابَه، وأصابَ غنائمَ كثيرة، وكتبَ إلى ابن عامر بالفتح (٢).

ولما قُتل مصعب كتبَ عبدُ الملك إلى عبد الله بن خازم: إنَّ لك خراسان سبع سنين على أن تُبايع لي. فقال ابنُ خازم للرسول وهو سَوْرَة بن أَشْيَم التميمي (٣): لولا أنْ أضربَ بين بني سُليم وبني عامر لقتلتُك، ولكنْ كُلْ هذه الصحيفة. فأكلها.

وقيل: إن الرسول كان سنان الغَنَوي، فقال ابنُ خازم: إنما بعثلك أبو الذِّبَّان (٤) لأنَّك من غَنِيّ (٥)، وقد علمَ أنّي لا أقتلُ رجلًا من قيس، ولكنْ كُلْ كتابَه.

وبلغ عبدَ الملك، فكتبَ إلى بُكير بن وشاح أحدِ بني عوف بن سعد -وكان خليفةَ ابنِ خازم على مَرْو- بعهده على خُراسان، ووعدَه ومنَّاه، فخلعَ بُكيرٌ ابنَ الزُّبير، ودعا إلى عبدِ الملك، وأجابَه أهلُ مَرْو.

وبلغَ ابنَ خازم وهو يُحاصرُ أَبْرَشَهْر (٦)، فخاف أن يجتمعَ عليه أهلُ مَرْو وأهلُ أبْرَشَهْر، وكان يُحاصرُ بها بَحِيرَ بنَ وَرْقاء (٧) الصُّريمي، فرجع عن أبْرَشَهْر طالبًا مرو، يريد أن يأتيَ ابنَه [بالترمذ]. فخرج بَحِير خلفَه، فأدركه بقريةٍ يقال لها: شاه (٨)، بينها


(١) كذا في النسخ الخطية و "تاريخ دمشق" ص ٢٣٣ (طبعة مجمع دمشق-تراجم حرف العين) لكن قيَّدها ياقوت في "معجم البلدان" ١/ ٣١٨ بالسين المهملة. وقال: هي ناحية تشتمل على قرى من أعمال هَراة ومرو الرُّوذ. اهـ وهَراة: مدينة عظيمة من مدن خُراسان.
(٢) تاريخ دمشق ص ٢٣٣ - ٢٣٤ (الطبعة المذكورة) وما سلف بين حاصرتين منه.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٦/ ١٧٦ (والكلام منه): النُّمَيريّ، وفي "تاريخ دمشق" ص ٢٣٤: سَوْرة بن أبجر الدارمي.
(٤) هو لقب عبد الملك بن مروان؛ لبَخَرٍ كان في فمه.
(٥) غَنِيّ بطن من قيس عَيلان، وهو غَنيّ بن أَعْصُر: ينظر "معجم قبائل العرب" ٣/ ٨٩٥.
(٦) يعني نيسابور. ينظر "معجم البلدان" ١/ ٦٥ - ٦٦. ولم تجوَّد اللفظة في النسخ الخطية (غير (م) فالكلام ليس فيها)، فوقع فيها: أبو بنهر (وكذا في الموضع الآتي). والمثبت من "تاريخ" الطبري ٦/ ١٧٦.
(٧) كذا في النسخ الحنطية، و "تاريخ" الطبري ٦/ ١٧٦ (وفي كل المواضع). وفي "أنساب الأشراف" ١٢/ ٢٨٥: بَحِير بن وقاء. وكذا هو في "المشتبه". ينظر "توضيحه" ٩/ ١٩٢.
(٨) في "تاريخ" الطبري ٦/ ١٧٦: شاهميغد.