للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال عطاء بن أبي رباح: كُنْتُ مع ابن الزبير في الكعبة] وكان الحجَّاج كلَّما رمى حجرًا ووقع في البيت يئنُّ ابنُ الزُّبير ويقول: أوَّه (١).

[قال ابنُ إسحاق:] وكان يرمي بالمنجنيق من على أبي قُبيس وابنُ الزُّبير قائم في الحِجْر يصلِّي، فتمرُّ به الحجارة وهو كأنه شجرة [ما] تنثني، ما يُصيبُه منها شيء (٢)، ثم يخرجُ فيقاتل [وشعاره: يا منصور أمت، وكان قبل ذلك: لا حكم إلا الله]، ثم ضايقوه حتَّى أخذوا عليه الأبواب.

[فحكى ابن سعد عن الواقدي قال: حدثني مصعب بنُ ثابت، عن نافع مولى بني أسد قال: رأيت الأبواب قد شُحنت بأهل الشام] فكان لأهل دمشق باب بني شيبة، ولأهل الأردن باب الصَّفا، ولأهل حمص الباب الَّذي يواجه الكعبة، ولأهل فلسطين باب بني جُمح، ولأهل قِنَّسْرِين باب بني سهم، والحجَّاج وطارق في ناحية الأبطح، والجيوش مُحدقة بالمسجد، وعلى كلِّ باب قائد، ومعه أهلُ بلدِه، وابنُ الزبير يحملُ على هؤلاء مرَّةً، وعلى هؤلاء مرة [كأنه أسد] حتَّى يُخرجَهم إلى الأبطح، ثم يصيح: يا ابنَ صفوان، ويلُ أمِّهِ فتحًا (٣) لو كان له رجال. ويقول:

لو كان قِرْني واحدًا كَفَيتُهُ

فيقول ابنُ صفوان: إي والله وألف رجل (٤).

[وقيل: إن أهل الشام كانوا يقولون له ذلك].

ثم تفرَّق عنه أصحابُه ومَنْ معَه [وخرجوا إلى الحجاج بالأمان؛ حتَّى ابناه خُبيب وحمزة، وأخذا من الحجاج أمانًا.


(١) تاريخ دمشق ٤/ ٢١٢، ومختصره ٦/ ٢٥٣.
(٢) طبعات ابن سعد ٦/ ٥٠٠ - ٥٠١.
(٣) حُذفت همزة "أمّه" تخفيفًا، وأُلقيت حركتُها على اللام، ونُصب ما بعده على التمييز. "النهاية" ٥/ ٢٣٦. وابن صفوان: هو عبد الله بن صفوان بن أمية بقي مع ابن الزبير حتَّى قُتل وهو متعلِّق بأستار الكعبة.
(٤) في (أ) و (ب) و (د) و (خ): فيقول ابن صفوان وأهل الشام أيضًا: إي والله وألف رجل. والمثبت من (م) والكلام بعده بين حاصرتين منها. والخبر في "طبقات" ابن سعد ٦/ ٥٠٦، و"تاريخ" الطبري ٦/ ١٩٠ - ١٩١، و"تاريخ دمشق" ص ٤٨٣ - ٤٨٤ (طبعة مجمع دمشق - ترجمة ابن الزبير).