للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تذروها تأكل- ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾ [الأعراف: ٧٣] بعقر.

والسُّوء في القرآن على وجوه: أحدها: العقر كما ذكرنا. والثاني: الشدَّة ﴿يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ [البقرة: ٤٩]، والثالث: الزنا ﴿مَا عَلِمْنَا عَلَيهِ مِنْ سُوءٍ﴾ [يوسف: ٥١] والرابع: البرص ﴿تَخْرُجْ بَيضَاءَ مِنْ غَيرِ سُوءٍ﴾ [النمل: ١٢]. والخامس: العذاب ﴿لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ﴾ [الزمر: ٦١]. والسادس: الشرك ﴿مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ﴾ [النحل: ٢٨] والسابع: السَّبُّ ﴿وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ﴾ [الممتحنة: ٢] والثامن: الضرُّ ﴿وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل: ٦٢] والتاسع: الذنب ﴿يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالةٍ﴾ [النساء: ١٧].

ثم قال لهم صالح: لها شِرْب يوم ولكم شِرْب يوم؛ لأنَّ مياههم كانت قليلة، فكانت تشرب ماء الوادي في يوم، ويحلبونها في يوم، فيشربون لبنها عوض ما شربت. ولما ألحَّ عليهم صالح بالموعظة لم يلتفتوا إليه، وعزموا على قتله، وكان يبيت ناحيةً عنهم في مسجد له، فكمنوا له ليلةً تحت صخرةٍ يرصدونه وذلك قوله: ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾ [النمل: ٤٩] فدعا عليهم فوقعت عليهم الصخرة فقتلتهم، فأصبحوا يقولون: قتلهم صالح. فأجمعوا على عقر النّاقة وقالوا: قد ضايقتنا في الماء والكلأ.

قال مقاتل: أوحى الله إليه: إنَّ قومك سيعقرون ناقتك، فقال لهم صالح: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا﴾ [الشمس: ١٣] أي: احذروا قتلها ولا تمنعوها شربها، فقالوا: ما كنا لنفعل، فقال: ما تعقرونها أنتم، بل يوشك أن يولد فيكم مولود يعقرها، قالوا: وما علامته فوالله ما نجده إلا قتلناه، فقال: غلامٌ أشقر أزرق أحمر قصير أصهب سناط، وهو أحمر ثمود.

وكان في المدينة شيخان عزيزان لأحدهما ابن يُرغَبُ له عن المناكح، وللآخر ابنة لا يجد لها كفؤًا، فتناكحا، فولد بينهما ذلك المولود، وكان قوم صالح قد وضعوا الشُّرَطَ مع القوابل يطوفون على النساء، يقتلون كل مولود ولد بهذا الوصف، فلما ولد هذا المولود نظر إليه النساء فصرخن وقلن: هذا والله عاقر الناقة، وأرادوا قتله، فمنعه جدَّاه من القتل، وكانا منيعين.

وقال أبو إسحاق الثعلبي: حدثنا محمَّد بن حمدون بإسناده عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال: ذكر رسول الله عاقرَ النَّاقة، فقال: "انتدب لها رجلٌ