للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ابنُ سعد فقد ذكر فيه زيادة: وقال:] فقال له عثمان: أَوَتعصيني؟ فقال: لا، ولكني بلَغَني أنَّ القضاة ثلاثة: رجل قضى بجهل فهو في النار، ورجلٌ حاف ومال به الهوى فهو في النَّار، ورجلٌ اجتهدَ فأصاب فهو كَفاف، لا أجرَ له، ولا وزْرَ عليه. فقال له عثمان : فإنَّ أباك كان يقضي؟ قال: كان يقضي، فإذا أشكلَ عليه شيءٌ سألَ رسول الله ، وإذا أشكلَ على النبيِّ سأل جبريل، وإني لا أجد من أسألُه. فأعفاه وقال: لا تخبرنَّ بهذا أحدًا (١).

[قال الواقدي:] وشهد عبد الله الخندق وما بعدها، ومؤتة، واليرموك، واليمامة، والقادسية، وجَلُولاء وما بينهما من وقائع الفرس، وخطبةَ أبيه بالجابية، وقدم البصرة وفارس غازيًا، وشهد فتح مصر، واختطَّ بها، وكان مع عثمان لما قُتل يوم الدار، وأراده عثمانُ على ولاية الشام، فلم يفعل، وأراد عثمان أن يولِّيَه القضاء، فأبى.

وكان عالمًا زاهدًا عابدًا ورعًا كثيرَ المحبَّة لاتَّباع السنن.

وكان أكبرَ ولد عمر ، ووردَ المدائن غيرَ مرَّة، وشهدَ الحُدَيبية، وكان لا يتخلَّف عن السرايا على عهد رسول الله ، ثم [كان] بعد وفاته مُولعًا بالحجّ إلى أن مات.

وأفتى في الإِسلام ستِّين سنة، ونشرَ نافع عنه علمًا جمًّا، وشهدَ الفتحَ وهو ابنُ عشرين سنةً. وكان له يومَ ماتَ رسول الله اثنان وعشرون سنة.

وقال رسول الله [في حقِّه:] "نِعْمَ الرجلُ عبدُ الله الرجلُ الصالح".

[قال البخاري: حدَّثني محمود، عن عبد الرزاق، بإسناده عن ابن عمر قال: كان الرجلُ في حياة رسول الله إذا رأى رؤيا قصَّها على رسول الله . قال: فتمنَّيتُ أن أرى رؤيا فأقصَّها عليه، وكنتُ غلامًا عَزَبًا، وكنتُ أنامُ في المسجد على عهد رسول الله ، فرأيتُ في النوم كأنَّ ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، وإذا هي مطويَّة


(١) طبقات ابن سعد ٤/ ١٣٦ - ١٣٧. وكل ما سلف بين حاصرتين من (ص) و (م).