للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال نافع: اشتهى (١) ابنُ عُمر عِنَبًا، فاشتُرِيَ له عنقود بدرهم، فجاء مسكين يسأل، فقال: أعطُوه إيَّاه، فخالفَ إليه إنسانٌ، فاشتراه منه بدرهم، ثم جاء به إلى ابن عمر، فجاء سائلٌ آخر (٢)، فأعطاه. فعل ذلك مرارًا والرجل يشتريه، ولو علم ابن عمر لما ذاقه.

وكان يقال له: إنك تجوع! قال: ربَّما يأتي عليَّ سبعُ سنين لا أشبعُ فيها، وكيف أشبع وقد بقي من عمري ظِمْءُ حمار (٣).

[قال أبو نُعيم:] وجاءه رجل من أهل العراق وقال: قد عملتُ لك جَوارشًا (٤) يهضمُ الطعام، فقال: ما ملأتُ بطني من طعام منذ أربعين سنة (٥)! وفي رواية: ما شبعت منذ أسلمت (٦).

[وروى أبو عُبيد القاسم بن سلَّام قال:] وجاء سائل إليه فقال لابنه: أعطه دينارًا. فقال له ابنُه: تقبَّلَ اللهُ منك. فقال: لو علمت أنه يتقبَّلُ مني؛ لَطِرْتُ فرحًا ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: ٢٧] (٧).

وقال مجاهد: صحبتُ ابنَ عمر وأنا أريد أن أخدمَه، فكان يخدمني أكثر (٨).

وقال نافع: كان ابن عمر يحيي الليل كلَّه صلاةً، ثم يقول: يا نافع، أَسْحَرْنا؟ فأقولُ: نعم، فيجلسُ ويستغفرُ ويدعو حتى يُصبح. وكان يحيي ما بين الظهر والعصر (٩).


(١) في (أ) و (ب) و (خ) و (د): اشترى. ولا معنى لها. وصححت اللفظة من قِبلي. فقد جاء في "حلية الأولياء" ١/ ٢٩٧ عن نافع أن ابن عمر اشتهى عنبًا وهو مريض، فاشتريتُ له عنقودًا بدرهم … وفي رواية أخرى عن نافع أن ابن عمر اشتكى، فاشتُرِيَ له عنقودُ عنب بدرهم … ولم يرد هذا الخبر في (ص) و (م).
(٢) في "الحلية" في الروايتين المذكورتين آنفًا أن السائل الأول هو الذي عاد وسأل.
(٣) في "القاموس": الظِّمْءُ: ما بين الشَّربتين والوِرْدَيْن … "وما بقي منه إلا ظِمْءُ الحمار" أي: يسير؛ لأنه ليس شيءٌ أقصرَ ظِمْئًا منه. والخبر بنحوه في "الحلية" ١/ ٢٩٩.
(٤) كذا في (أ) و (ب) و (خ) و (د). وفي (ص) و (م): جوارشنًا.
(٥) حلية الأولياء ١/ ٣٠٠. وهو بنحوه في "طبقات" ابن سعد ٤/ ١٤٠، و"تاريخ دمشق" ٣٧/ ٦٨ (طبعة مجمع دمشق).
(٦) المصدر السابق ١/ ٢٩٩، وفيه أيضًا ١/ ٣٠٠، وفي "طبقات" ابن سعد ٤/ ١٤٠: ما ملأتُ بطني من طعام من أربعة أشهر.
(٧) صفة الصفوة ١/ ٥٧٦.
(٨) الزُّهد لأحمد ص ٢٤١، ونُسب القول في (ص) و (م) لعبد الله بن أحمد عن أبيه.
(٩) حلية الأولياء ١/ ٣٠٣ - ٣٠٤. ونُسب القول في (ص) و (م) إليه. وينظر "الزهد" لأحمد ص ٢٤١.