للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد شمَّرَتْ عن ساقها تشميرا (١)

هذا أوانُ الشَّدِّ فاشْتَدِّي زِيَمْ … قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ

ليس براعي إبلٍ ولا غَنَمْ … ولا بجزَّارٍ على ظَهْرِ وَضَمْ (٢)

باتُوا نِيامًا وابنُ هِنْدٍ لم يَنَمْ

قد لَفَّها الليلُ بِعَصْلَبِيِّ … مُهاجِرٍ ليس بأعرابي

أرْوَعَ خرَّاجٍ من الدوي (٣)

يا أهل الشِّقاق ومساوئ الأخلاق، إنَّ أمير المؤمنين نثلَ (٤) كِنانتَه بين يديه، فعَجَم عِيدانَها عُودًا عُودًا، فوجدَني أمرها، وأحدَّها نَصْلًا، وأقومَها قَدْحًا (٥)، فبعث بي إليكم، فإنْ تستقيموا تستقم [لكم الأمور] وإن أخذتُم بثنيَّات الطريق لا أقلتُكم عَثْرَة، ولا قبلتُ منكم معذرة، ولأَعْصِبنكم عَصْبَ السَّلَم، ولأضربنَّكم ضَرْبَ غرائب الإبل، ولأَقْرَعَنَّكم قَرْعَ المَرْوَة، فطالما ارتضعتُم ثديَ الضلالة (٦)، وسلكتم سبيل الغَواية، وتماديتُم في الجهالة، يا عَبِيد العصا، ويا أولاد الإماء، أنا الغلام الثقفيّ، لا أَعِدُ إلا وفَيت، ولا أَخْلُقُ إلا فَرَيت (٧)، فإياكم وهذه الزَّرافات، يا بني اللَّكيعة (٨)، ما أنتم وذاك؟ إنما مَثَلُكم كما قال الله: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا


(١) تاريخ الطبري ٦/ ٢٠٣. وفي "البيان والتبيين" ٢/ ٣٠٨: فشمِّرا. وفي "العقد الفريد" ٤/ ١٢١: فشدوا، وفي "مروج الذهب" ٥/ ٢٩٤: فَجِدُّوا.
(٢) قال الطبري ٦/ ٢٠٥: زِيَم: اسم للحرب، والحُطَم: الذي يحطم كل شيء يمرُّ به. والوَضَم: ما وُقيَ به اللحم من الأرض.
(٣) العَصلَبي: الشديد. والدّويّة: الأرض الفضاء التي يُسمع فيها دويّ أخفاف الإبل. قاله الطبري.
(٤) كذا في (أ) و (ب) و (خ) و (د) يعني استخرج. ولم يرد الخبر في (ص) و (م). وجاء في هامش (أ): لعله: نثر. وهي كذلك في "تاريخ الطبري" ٦/ ٢٠٣، و"العقد الفريد" ٤/ ١٢١، و"مروج الذهب" ٥/ ٢٩٥. وفي "البيان والتبيين" ٢/ ٣٠٩: كبَّ.
(٥) في "مروج الذهب" ٥/ ٢٩٥: "أمرَّها طعمًا، وأحدها سنانًا، وأقواها قِداحًا". وقوله: عَجَمَ عيدانَها، أي: عضَّها. قاله الطبري.
(٦) في "مروج الذهب": أوضعتم في الضلالة. وما سلف بين حاصرتين منه.
(٧) أي: ما قدَّرْتُ إلا قطعت. ينظر "اللسان" (خلق).
(٨) اللَّكيعة: الأمَّة اللئيمة. وبنو اللكيعة: قوم. ينظر "اللسان" (لكع).