مِنْ قَبْلُ﴾ [الأنبياء: ٥١] وهو قوله لأمه: من ربُّكِ، فإنَّ الله ألهمه التوحيد والإيمان. وكذا أريناه ملكوت السَّماوات والأرض. و"الملكوت": الملك زيدت فيه الواو والتاء كما زيدت في الجبروت.
وقال مقاتل: والمراد بملكوت السماوات: الشمس والقمر والنجوم والأفلاك والأملاك ونحوها، وبملكوت الأرض: الجبال والشجر والبحار والأنهار والمعادن والحيوانات والنبات.
قال مجاهد: وهذا كله رآه في النهار عيانًا، كشف عن السَّماوات فرأى العرش، وعن الأرض فرأى الأرض السابعة.
وقال مقاتل: إنما رأى ملكوت السماء في الليل، وملكوت الأرض في النهار.
وقال ابن عباس: أري خلق السَّماوات والأرض.
وقال سعيد بن جبير: آيات السماوات والأرض، أقيم على صخرة وكشف له عن ذلك حتى نظر إلى مكانه في الجنَّة.
وحكى الثّعلبي عن قتادة قال: إنَّ إبراهيم ﵇ حدَّث نفسه أنّه أرحم الخلق، فرفعه الله حتى أشرف على أهل الأرض، ورأى أعمالهم، فلمّا رآهم يعملون بالمعاصي قال: اللهمَّ دمّر عليهم، والعنهم، فقال له ربّه: أنا أرحمُ بعبادي منك، اهبط، لعلَّهم يتوبون.
وقال الثعلبي بإسناده عن قيس بن أبي حازم، عن عليّ كرّم الله وجهه، عن النبي ﷺ قال:"لمّا أرى الله إبراهيم ملكوت السّماوات والأرض أشرف على رجل يَعْصي الله فدعا عليه فهلك، ثم أشرف على آخر فدعا عليه فهلك، وعلى آخر، فلمّا أراد أن يدعو عليه أوحى الله إليه أن يا إبراهيم، إنَّك رجلٌ مُجابُ الدَّعوة فلا تدعونَّ على عبادي، فإني منهم على ثلاث خصال: إما أن يتوبوا فأتوبَ عليهم، وإما أن أُخْرِجَ منهم نسمةً تسبّح، وإمّا أن يبعثوا إليّ فإن شئتُ عفوتُ عنهم وإن شئتُ عاقبتهم"(١).
قلت: وينبغي أن تكون هذه الآية مؤخّرة في التلاوة لأنه إنما أري ملكوت