للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى أبو نعيم، عن] مجاهد قال: كنا نفتخر بفقيهنا ابن عباس، وقاصِّنا (١) عُبيد بن عُمير.

[وقال عبد الله بن الإمام أحمد بإسناده، عن مجاهد قال:] قال عُبيد بن عمير: ما المجتهدُ فيكم إلا كاللاعب فيمن مضى.

[وروى أبو نعيم عن قيس بن سعد قال: قال عبيد بن عمير:] إن أهل القبور ليَتَلقَّون الميت كما يُتَلقَّى الراكب؛ يسألونه، فإذا سألوه ما فعل فلان؟ ممن كان قد مات، فيقول: ألم يأتكم؟ فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذُهب به إلى أُمِّه الهاوية.

[وعُبيد بن عُمير صاحب المرأة، حدثنا غير واحد، عن ثابت بإسناده، عن صالح ابن] أحمد بن عبد الله العجلي، عن أبيه قال (٢): كانت امرأة جميلة بمكة، أخذت المرآة يومًا فَنظرت فيها وقالت لزوجها: أتُرى يرى هذا الوجه أحدٌ ولا يَفتتن به؟ قال: نعم، عُبيد بن عُمير، قالت: فأذَن لي في إتيانه لأَفتنه، فأذِن لها، فجاءت إليه وهو قاعد في المسجد الحرام في صورة مُستَفْتية، فسَفرت عن وجهها وكأنه فَلْقة قمر، فقال لها: يا أمَة الله استتري، فقالت: إني قد فُتِنتُ بك فاقض حاجتي، فقال لها: فإني أسألُك عن شيء، فإن صدقتيني قضيتُ حاجتك، قالت: سَلْ، قال: أخبريني لو نزل بك المرض فغيّر ما أرى من صورتك، وشغلك عمّا أنت فيه، هل كان يَسرُّكِ أن أقضيَ حاجتَك؟ قالت: لا، قال: فلو نزل بك الموت، وجاء مَلَك الموت ليَقبض روحك، أكان يَسرُّك أن أقضي حاجتك؟ قالت: لا، قال: أرأيت لو جاءك منكر ونكير للمساءلة، أكان يسرُّكِ أن أقضيَ حاجتك؟ قالت: لا، قال: أرأيتِ لو وقفْتِ بين يدي الله تعالى للحساب، ثم عدَّد عليها أهوال [يوم] القيامة، ودخول النار، وهو يقول لها في كل فَصْلٍ أيَسرُّكِ أن أقضيَ حاجتَكِ؟ وهي تقول: لا، فقامت من عنده باكية، فدخلت على زوجها، فقال لها: ما قال لك؟ أو: ما لك؟ فقالت: نحن بَطّالون، ولَزِمت الصلاة والصوم والعبادة، فكان زوجُها يقول: ما لي ولعُبيد بن عمير؟! أفسد عليّ زوجتي، كانت في كل ليلة عَروسًا، فصيَّرها راهبةً.

[وقال الواقدي:] توفي عُبيد بن عُمير سنة سبع وسبعين بمكة.


(١) تحرَّف في النسخ إلى: وقاضينا، وينظر "طبقات ابن سعد" ٨/ ٢٤، و"حلية الأولياء" ٣/ ٢٦٦ - ٢٦٧، ٢٦٩، ٢٧١.
(٢) في "المنتظم" ٦/ ١٩٧ زيادة: قال: حدثني عبد الله قال … وما يرد بين معكوفات من (ص) و (م).