للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان فصيحًا شريفًا مطاعًا في قومه. [وذكره المدائني فقال: كان] من عُبّاد الكوفة ورؤساء الشيعة. [قال ابن سعد: كان] ثقةً قليلَ الحديث (١).

سيَّره عثمان من الكوفة إلى الشام مع مَن سَيَّره، وكان عثمان رضوان الله عليه قد لَطمه، فطلب منه القِصاص، فقال: اقتصّ، فعفا عنه.

واختلفوا في كيفية قتله ومتى قُتل، فذكرنا أن الحجاج لما دخل واليًا إلى الكوفة قتله؛ لأنه لما فرغ من خطبته قال للنَّخَع: أفيكم الكميل بن زياد؟ قالوا: نعم، قال: أحضروه، فامتنوا، قال: لا عطاء لكم حتى تأتوني به، فجاؤوا به على نعش، فتركوه إلى جانب المنبر فقتله (٢).

والمشهور [أنه] قتلَه بعد دير الجماجم، وكان مع القُرَّاء، فلما انهزم ابن الأشعث، وجيء بالأسرى؛ جيء بالكُميل [بن زياد] فقال له الحجاج: أنت المُقتَصُّ من أمير المؤمنين عثمان؟ قد كنتُ أحبُّ أن أجِدَ عليك سبيلًا، فقال له الكُميل: ما أدري على أيِّنا أنت أشدُّ غضبًا، عليه حين أقاد من نفسه، أو عليَّ حين عفوتُ عنه! فقال: والله لا تركتُك تقتصُّ من خليفة أبدًا، فقال: أيها الرجل، لا تَصرِف عليَّ أنيابَك، ولا تَهَدَّم عليّ تَهدُّمَ الكَثيب، ولا تكشِرْ كَشَرَان الذِّئب، والله ما بقي من عُمري إلا ظِمْءُ الحِمار (٣)، يشرب غُدوةً ويموت عَشيَّةً، أو يشرب عَشيةً ويموت غُدوة، اقضِ ما أنت قاض [إنما تقضي هذه الحياة الدنيا]؛ فإني أنتظر الموت صباحًا ومساء، والقصاصُ أمامك، والموعد القيامة. فقال: والله لأقتلَنَّك على يدي إنسانٍ هو أشدُّ بُغضًا لابن أبي طالب من حبّك إياه، فقال: أما أمير المؤمنين فقد صار إلى جنّات النعيم، وأما أنت وبنو أمية ففي عذاب الجَحيم، والله لو علموا أكثفَ وجهًا، وأقلَّ عقلًا، وأجرأ على الله منك لما ولَّوك يا ابن أبي رِغال، يا بقية [آل] ثَمود، ولعنه لَعْنًا كثيرًا، فأمر ابنَ أدهم القيسي (٤) الحمصي -وكان أبغض الناس لأمير المؤمنين فضرب


(١) ما بين معكوفات من (ص)، وانظر "طبقات ابن سعد" ٨/ ٢٩٩، و"تاريخ دمشق" ٥٩/ ٤٨٢ و ٤٨٤ وعنه ينقل.
(٢) من قوله واختلفوا … إلى هنا من (ص) وفي (أ) و (ب) و (خ) و (د): فعفا عنه، وقد ذكرنا قتل الحجاج له لما دخل الكوفة.
(٣) أي: إلا اليسير. لأن الحمار قليل الصبر على الظمأ. والظِّمْءُ: لما بين الشُّرْبين.
(٤) في "تاريخ دمشق" ٥٩/ ٤٩١: فبعث إلى أدهم القيسي، وانظر "تاريخ الطبري" ٦/ ٣٦٥.