للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال عبد الملك: يا عمران، إنه عبد العزيز، قال: فاختَلْ له.

وكتب عبد الملك إلى عبد العزيز: يا أخي، إن رأيتَ أن تُصيَر الأمْرَ لابن أخيك فافعل، فأبى، فكتب إليه، فاجعلْه له من بعدك؛ فإنه أعزُّ الخلق علي، فكتب إليه عبد العزيز: إني أرى في أبي بكر بن عبد العزيز ما تراه في الوليد، فكتب إليه: فاحمل خراج مصر إليّ، فكتب إليه عبد العزيز: إني وإياك قد بلغنا سنًّا لم يبلغها أحدٌ من أهل بيتنا إلا كان بقاؤه قليلًا، وإنا لا ندري أيّنا يأتيه الموت أولًا، فإن رأيت ألا تُغَثِّث (١) عليّ بقيةَ عُمري؛ ولا يأتيني الموت إلا وأنت واصِلٌ لي فافعل.

فرقَّ له عبد الملك وقال: لا غَثَثْتُ عليه بقيَّة عُمره، وقال لابنيه الوليد وسليمان: إن يُرِد الله أن يُعطيكموها لم يَقدر أَحدٌ من الخلق على ردّها عنكما، ثم قال: هل قارفْتُما حَرامًا قطّ؟ قالا: لا والله، فقال: الله أكبر، نلتماها وربِّ الكعبة.

ولما امتنع عبد العزيز من إجابة عبد الملك إلى ما التمس منه قال عبد الملك: اللهم إنه قد قَطَعني فاقطعْه، فلما مات عبد العزيز قال أهل الشام: رَدّ على أمير المؤمنين أمرَه، فدعا عليه فاستُجيبَ له (٢).

[وقال ابن عساكر:] شهد عبد العزيز قتلَ عمرو بن سعيد الأَشْدَق، وكانت دار عبد العزيز بدمشق مُلاصقة الجامع، وهي اليوم دار الصّوفية، وكانت بعده لابنه عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه (٣).

[أخبرنا مشايخنا، عن أبي الفضل بن ناصر بإسناده إلى محمد (٤) بن الحارث المخزومي قال:] دخل رجل على عبد العزيز يشكو إليه صهرًا له فقال: إن خَتَني فعل بي كذا وكذا، فقال له عبد العزيز: مَن خَتَنَك؟ قال: الخَتّان الذي يَختنُ الناس، فقال عبد العزيز لكاتبه: وَيحك ما هذا الجواب؟ فقال: أيها الأمير، إنك لَحَنْتَ، والرجل [لا]


(١) لا تفسد.
(٢) "تاريخ الطبري" ٦/ ٤١٢ - ٤١٤، و "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٧١ - ٣٧٤، و "المنتظم" ٦/ ٢٦١ - ٢٦٢.
(٣) "تاريخ دمشق" ٤٣/ ١٢ - ١٣ وما بين معكوفين من (ص).
(٤) في (ص) وما بين معكوفين منها: أبي محمد، وهو خطأ، والخبر في "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٢١، و "تهذيب الكمال" (٤٠٦٠)، و "المنتظم" ٦/ ٢٦٤.