للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرُّجوع فقال: ما أنا براجع إلى مكان أخرجت منه، فقالوا: قد نضب ماء البئر، فأَعطاهم سبعة أعنز من غنمه وقال: أوردوها البئر ولا تغرف منها حائض ولا جنب، فأوردوها فظهر الماء، فيقال: إنما سمِّي ذلك المكان سبع لهذا.

وقال مقاتل: لما خرج إبراهيم من مصر نزل جبل لبنان وأقامَ به مدة، فاشتاق إلى الأرض المقدَّسَة، فأوحى الله إليه: اصعد على رأس لبنان وانظر أي مكان اخترتَ من الأرض فهو مقدَّس، فنظر فانتهى بصره إلى دمشق والشام والأردن وفلسطين، فقال الله تعالى: هذه الأماكن كلّها مقدَّسة.

والأصحُّ أنَّ الأرض المقدَّسة أرض فلسطين من الأردن إلى البحر.

وقال مجاهد: اختار فلسطين فنزل بها، وبسط الله له في الرزق، فكان يسمى الشيخ الصالح، وهو أوّل من أضاف الضيف وثَرَد الثريد وأطعم المساكين، وقصَّ شاربه واستحدَّ، واختتن، وقلَّم أظفاره، واستاك، وفرق شعوه، وتمضمض، واستنشق، واستنثر، واستنجى بالماء.

وهو أوَّل من شاب وهو ابن خمسين ومئة سنة، وأوَّل من رأى الشيب في الدنيا.

قال مجاهد: رأى في وجهه طاقة بيضاء فقال: يا رب ما هذا؟ فقال: نذير ونور ووقار، فقال: يا ربِّ زدني وقارًا، فشاب رأسه في الحال.

وهو أوَّل من خطب على المنبر، ولبس السَّراويل، واختتن.

قال أحمد بإسناده عن الزهري عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله قال: "اختَتَنَ إبراهيمُ بالقدُومِ". أخرجاه في "الصحيحين" (١).

قال أبو الزناد: القدوم بالتخفيف اسم موضع بالشّام، وكذا قال الجوهري (٢).

وقال ابن السكيت: ولا تقل قدّوم بالتشديد (٣)، والعامَّة تقوله.


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٨٢٨١)، والبخاري (٦٢٩٨)، ومسلم (٢٣٧٠) من طرق متعددة، ولم يذكر فيها الزهريّ، أما رواية الزهريّ فقد أوردها الدارقطني في "العلل" ٧/ ٢٨١ وقال: رواه أبو قرة موسى بن طارق عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد، عن الزهريّ عن سعيد عن أبي هريرة.
(٢) "الصحاح": (قدم).
(٣) "إصلاح المنطق" ص ٢٠٥.