للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زيادًا على مطرف، فقال لهم زياد: هل ضربه، هل مسه بيده؟ قالوا: لا، قال: دعوة رجل صالح وافقت قَدَرًا، فلم يجعل لهم شيئًا (١).

وقال أبو نعيم: كان مطرِّف يسير بالليل [فأضاء له سَوْطه، وفي رواية:] فخرج النور من سَوْطِه.

[وروى أبو نعيم عنه أنه] قال لبعض إخوانه: إذا كان لك حاجة فلا تخاطبني بها، ولكن اكتبها في رقعة ثم ارفعها إلي؛ فإني أكره أن أرى في وجهك ذُلَّ السّؤال، وقد قال الشاعر: [من الكامل]

ما اعتاضَ باذلُ وَجْهه بسُؤاله … عِوَضًا وإن نال الغِنى بسُؤالِ

وإذا السؤالُ مع النَّوال وزنْتَه … رجَحَ السُّؤالُ وخفَّ كلُّ نَوالِ

فإذا ابتُليتَ ببَذْلِ وَجْهِك سائلًا … فابذُلْهُ للمُتَكَرِّمِ المِفضالِ (٢)

[وحكى عنه ابن أبي الدنيا أنه] قال: إن هذا الموت قد نَغَّص على أهل النعيم نعيمَهم، فاطلبوا نعيمًا لا موتَ فيه (٣).

ذكر وفاته:

واختلفوا فيها، فقال ابن سعد: حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أبو المَليح، حدثني رجل من أهل البصرة، عن ثابت البناني ورجل آخر قد سماه، أنهما دخلا على مطرِّف وهو مُغمًى عليه (٤)، فسطعت منه ثلاثة أنوار: نور من رأسه، ونور من وسطه، ونور من رجليه، فهالهم ذلك فقالوا: كيف تجدك؟ قال: صالحًا، قالوا: لقد رأينا شيئًا هَالنا، قال: وما هو؟ قالوا: أنوار سطعت منك، قال: وقد رأيتم ذلك؟ قالوا: نعم، قال: تلك ﴿الم (١) تَنْزِيلُ﴾ السجدة، وهي تسع وعشرون آية، سطع أولها من رأسي، وأوسطها من وسطي، وآخرها من قدمي، وقد صَعدت لتشفع لي، وهذه تبارك تحرسني.


(١) "تاريخ دمشق" ٦٧/ ٤٥٤ وما بين معكوفين من (ص).
(٢) "حلية الأولياء" ٢/ ٢٠٥ و ٢١٠، و"تاريخ دمشق" ٦٧/ ٤٦٠ - ٤٦١.
(٣) "الزهد" لأحمد ٢٩٢، و"الحلية" ٢/ ٢٠٤، و"تاريخ دمشق" ٦٧/ ٤٦٢، ٤٦٣.
(٤) في (أ) و (ب) و (خ) و (د): دخل عليه ثابت البناني ورجل آخر وهو مغمى عليه، والمثبت من (ص).