للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعث الحجاج إلى خالد لما بلغه أنَّه خطب رَمْلَة حاجبَه، فقال له: ما كنت أرى أنك تخطب إلى آل الزُّبير حتَّى تُشاورَني، وكيف خطبتَ إليهم وليسوا بأكفائك؟ وهم الذين قارعوا أَبَاك على الخلافة، ورَمَوه بكل قبيحٍ وقبيحة؟ فقال للحاجب: لولا أنك رسولٌ لضربتُ عُنقك، قل لابن أبي رِغال: ما كنتُ أظن أن الأمر بلغ بك حتَّى تؤهِّل نفسَك لأن تُشاوَر في مناكح قريش، وأما قولك: قارعوا أَبَاك ورموه بكل قبيح، فإنَّها قريش يُقارع بعضُها بعضًا، فإذا أقرَ الله الحقَّ مَقَرَّه تعاطفوا وتراحموا، وأما قولك: ليسوا بأكفائك، فقبّحك الله يَا حجّاج ما أقلَّ علمَك بأنساب قريش، أيكون العوَّام كُفؤًا لعبد المطَّلب بن هاشم حتَّى زوَّجه صفيّة، وتزوج رسول الله خديجة، أفلا تراهم أكفاء لآل أبي سفيان.

ولما تزوَّج خالد رَمْلَة قال بعض شعراء قريش يحرِّض عبد الملك على خالد:

عليكَ أميرَ المُؤْمنين بخالدٍ … ففي خالدٍ عما تُحبُّ صُدودُ

إذا ما نَظرْنا في مَناكِحِ خالدٍ … عَرَفْنا الذي يَنوي وأين يُريدُ (١)

وأشار إلى رَمْلَة، وأمِّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، فإنَّه رُوي أنَّه تزوّجها، وإلى أمة بنت سعيد بن العاص.

[وقال الزُّبير: كانت رَمْلَة أخت مصعب لأبيه وأمه، أمُّهما الرَّباب بنت أُنَيف، كلبيَّة، وكانت قبلَه عند عثمان بن عبد الله بن حَكيم بن حِزام، وكانت معروفةً بالعقل والفضل والجمال، ولما قَتل عبد الملك مصعبًا خطبها من أخيها عروة، فنهاه عنها وقال: بالأمس قتلتَ شقيقَها واليوم تخلو بها، آمَنُها عليك، فتركها، فلما تزوّجها خالد دخلت على عبد الملك يومًا، فقال لها: يَا رَمْلَة، لقد غرَّني منك عروة، فقالت: لم يَغُرَّك وكان نصحك (٢).

ومن شعر خالد في رَمْلَة: [من المتقارب]

ألا مَن لقلبٍ مُعَنًّى غَزِلْ … بحُبِّ المُحِلَّةِ أُختِ المُحِلّ


(١) "نسب قريش" ٤٣٥، و"أنساب الأشراف" ٤/ ٤٠٢، و"الأغاني" ١٧/ ٣٤٧.
(٢) انظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٤٠١ - ٤٠٢، و"الأغاني" ١٧/ ٣٤٦، و"المنتظم"٦/ ٢٣٨.