للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يَقدم على عبد الملك (١) فيُجلسه معه على سريره، فقال له الحجاج: تُجلس ابن العُمَيشاء معك على سريرك؟ فقال له عروة: أُمّي ذات النِّطاقَين من عجائز الجنة، وأمك المُتَمَنِّية، أشار إِلَى أن عمر سمعها ليلة وهي تقول: [من البسيط]

هل منْ سبيل إِلَى خمرٍ فأشربها … أم من سبيل إِلَى نصْرِ بن حَجّاجِ

[وقد ذكرناه].

وقال الزهري: جالستُ عروة فكان بَحْرًا لا تُكَدِّره الدِّلاء.

[وقال مصعب الزُّبيريّ:] قال عروة: ربَّ كلمة ذُلٍّ احتملتُها أورثتني عزًّا طويلًا.

[وقال ابن سعد:] كان عروة يَسْرُد الصَّومَ جميع الدهر، إلَّا العيدين، ومات وهو صائم، وكان يُغيِّر شَيبه، ولا يُفطر فِي السَّفَر.

وقال عبد الله بن حسن بن حسن: كان علي بن الحسين يجلس كلّ ليلة هو وعروة فِي مؤخّر مسجد رسول الله بعد العشاء الآخرة، فتحدَّثا ليلةً فتذاكرا جَورَ بني أمية، وأنهم لا يستطيعون تغيير ذلك، ثم ذكرا ما يخافان من عقوبة الله لهم حيث هم معهم، فقال عروة: إن مَن اعتزل أهل الجور والله يعلم منه سخطه لأعمالهم؛ فإن كان منهم على ميل ثم أصابتهم عقوبة من الله؛ رُجي أن يسلم منها، فخرج عروة فسكن العَقيق، وخرج علي فنزل سُوَيقة.

وكان يقول لبنيه: سَلوني، فلقد تركتُ الحديث حتَّى كدتُ أنسى، وإني لأُسئل عن الحديث فينفتح لي حديث يومي (٢).

[وروى أبو نعيم، عن هشام بن عروة قال: قال أبي:] إذا رأيتَ الرَّجل يعمل الحسنة فاعلم أن لها أخوات عنده، وإذا رأيته يعمل السيئة فاعلم أن لها أخوات عنده، فإن الحسنة تدلُّ على أختها.


(١) بعدها فِي (ص): وابنه الوليد، ثم قول الزهري الآتي، وقول عروة، ونُسب هذا الخبر فيها إِلَى ابن قتيبة، وانظر "تاريخ دمشق" ٤٧/ ٢٨٧ - ٢٨٨.
(٢) "طبقات ابن سعد" ٧/ ١٧٨ - ١٨٠.