وفد يحيى بن عروة على عبد الملك -وكان من أشراف بني عروة- فجلس ببابه، فسمع الحاجب يتناول عبد الله بن الزُّبير، فضربه يحيى فشجّه فأدماه، فدخل الحاجب على عبد الملك على تلك الحال فقال: مَن فعل بك هذا؟ قال: يحيى بن عروة، فقال: عليَّ به، وكان عبد الملك متكئًا فقعد، فلما دخل عليه يحيى قال له: لم فعلتَ بحاجبي هذا؟ فقال له يحيى: عمي عبد الله بن الزُّبير كان أحسن جوارًا لعمتك منك لنا، والله لقد كان يقول لها: من سَبّ أهلك فسُبّي أهله، ولقد كان ينهى حُجَّابه وأهلَه وعشيرته أن يسمعوها فيكم، فاضطجع عبد الملك، ولم يزل مُكرمًا ليحيى بن عروة.
أشار يحيى إِلَى أُمِّه بنت الحكم أخت مروان، فإنَّها كانت زوجة عروة، وكان أيام حصار ابن الزُّبير بمكة.
أنكر يحيى على إبراهيم بن هشام عامل هشام بن عبد الملك على المدينة، فضربه فمات بعد الضَّرب، وله عَقِب فِي المدينة.
وكان أعلم من هشام بن عروة، وكان يلي عبد الله أخاه فِي السنّ، وله أشعار منها:
[من الخفيف]
ابنُ عمي وقبل ذاك أبوه … وقتيلُ العراقِ بين الجُسورِ
آثَرُوا العِزّ والعَلاء فماتوا … قبل دَهرٍ يُشابُ بالتَّكْدِيرِ (١)
وأما محمَّد بن عروة فهُو الذي دخل دار الدَّوابِّ وقتلته البَغْلة، وقيل: إن البغلة كان الحجاج بعث بها إِلَى الوليد، فحمل عليها عروة، وكان عروة يحبّ ولده محمدًا، فما تجاسر أحد أن يخبره، وكان الماجشون قد صحبه إِلَى الشَّام فأخذ يُسلّيه ويعزِّيه، ففطن فاسترجع، ولم يتأوه، ولم يتكلّم.