للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها غزا قُتيبة بن مُسْلم أرض الشَّاش، وقطع النَّهر، وبلغ الشّاش فجاءه خبر الحجاج، ونُعي إليه في شوال فحزن عليه، ورجع إلى مَرْو بعد أن فَرَّق الجيوش في بُخارى ونَسَف وغيرها، وتمثّل: [من الطويل]

لعَمري لنِعْمَ المرءُ من آل جَعفرٍ … بحَورانَ أمسى أعلَقَتْه الحَبائلُ

فإن تحْيَ لا أمْلَل حياتي وإن تَمُتْ … فما في حياةٍ بعد موتِك طائِلُ

وأقام بمَروَ حزينًا، فبينما هو كذلك جاءه كتاب الوليد بن عبد الملك يقول: قد عرف أمير المؤمنين بَلاءَك وجِدّك واجتهادك وجِهادك لأعداء المسلمين، وأمير المؤمنين رافعُك، وصانعٌ بك ما تحبّ، فالْمُمْ مغازيك، وانتظر ثوابَ ربّك، ولا تتأخّر عنه كتبُك كأنه ينظر إلى ما أنت فيه، والسلام.

[فصل:] وفيها قفل موسى بن نُصَير من الأندلس إلى إفريقية.

وفيها أخرج الوليد بنُ عبد الملك علي بنَ عبد الله بن العبّاس من دمشق إلى الحمَّة، فأقام بها هو وولده، ويقال: إن أبا جعفر وُلد بالحمَّة، وقيل: بدمشق.

وقال ابن قتيبة: ضربه الوليد سبعين سَوطًا، وأخرجه إلى الحَمَّة؛ لأنه اتَّهمه بأنه قتل سَليطًا المنتسب إلى أبيه عبد الله بن عباس (١)، وسنذكره.

ووُلد لعلي بالحَمّة نيِّفٌ وعشرون ولدًا، ولم يزالوا بها حتى زال ملك بني أمية لما نذكر.

وحجّ بالناس في هذه السنة بشر بن الوليد بن عبد الملك بالاتفاق.

وكان على خراسان قتيبة، وعلى الكوفة والبصرة على الحرب يزيد بن أبي كَبْشة، وعلى خراجها يزيد بن أبي مُسلم، استخلفهما الحجاج لما احتُضر، فأقرّهما الوليد.

وقيل: إنما ولّى الحجاج ابنه عبد الله على الصّلاة.

وكان على المدينة عُثمان بن حَيَّان المري، وعلى مصر قُرَّة بن شريك (٢).


(١) "المعارف" ١٢٤.
(٢) "تاريخ الطبري" ٦/ ٤٩٢ - ٤٩٤.