للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكتب إليه عبد الملك يقول: اكتب لي بسيرتك، فكتب إليه الحجاج: أما بعد، فإني أيقْظْتُ رأيي، وأنَمتُ هواي، وأدنَيتُ السيد المُطاعَ في قومه، ووَلَّيتُ الحربَ الحازم في أمره، وقلَّدتُ الخراج الموصوفَ في أمانته، وجعلت لكل حَظًّا من عنايتي، وصَرفتُ السَّيفَ إلى المُسيء، فخاف المُريبُ صَولَة العِقاب، وتمسَّك المُحسِن بحظِّه من الثواب.

[وقال أبو عبيدة:] كتب عبد الملك إلى الحجاج: أنت عندي سالم. فجمع العلماء فلم يعرفوا معناه، فقال له قتيبة بن مُسْلم: إن أخبرتُك بمعناه تَوَلّيني خراسان؟! قال: نعم، قال: قد أخبرك أنك عنده في أرفع المنازل، قال. ومن أين لك هذا؟! قال: أراد قول عبد الله بن عمر في ابنه سالم: [من الطويل]

يُديرونَني عن سالمٍ وألومُهم … وجِلدَةُ بين العينِ والأنفِ سالمُ

فولّاه خُراسان.

ويقال للجلدة التي بين العين والأنف: سالم. وهذا المعنى أراد عبد الملك في جوابه عن كتاب الحجاج: أنت عندي سالم (١).

والبيت لعبد الله بن معاوية الفَزاري في ابنه سالم، وكان يقال له: الأشيم، وابن عمر استَشهد به.

قلت (٢): وفي الباب حكاية ذُكرت في باب الظراف والمتماجنين عن الرّياشِيّ قال: نزل ضيف ببعض الناس فوجده يشرب، فجلس معه، فجعل الرجل يكثر الشراب، ويميل على الضيف وينشده.

يَلومونَني في سالمٍ وألومُهم … وجِلدةُ ما بين العينِ والألْفِ سالمُ

فزاد في البيت لفظة: "ما"، وجعل يردِّدها، فقال له الضيف: يا هذا، قد أَبْرمتَ، اجعل ما التي في شعرك في قَدَحِك، وقد عَدَلْتَ شعرك وشرابَك.

[وقال الأصمعي:] كتب عبد الملك إلى الحجاج يقول له: أنت عندي، قَدَحُ ابنِ مُقْبِل.


(١) في (خ) و (د): عبد الملك في كتابه، والمثبت من (ص)، وانظر "صحاح الجوهري" ٥/ ١٩٥٢) (سلم).
(٢) في (خ) و (د): قال المصنف .