وقال [الهلواث] الكلبي: كتب الحجاج إلينا -وكنا بالهند مع محمد بن القاسم، وقد قُتل داهر ملك الهند- يقول: اخلعوا سليمان، واخطبوا لعبد العزيز.
فلما مات الوليد وولي سليمان كتب إلينا: أقيموا مكانكم، وازرعوا واحصدوا فلا شام لكم، فأقاموا بالهند مدة خلافة سليمان، حتى قام عمر بن عبد العزيز فأقْفَلَهم (١).
وفيها توفي الوليد بن عبد الملك منتصف جمادى الآخرة يوم السبت، وولي أخوه سليمان.
وفيها انتهى بناء جامع دمشق قبل وفاة الوليد بن عبد الملك بن مروان.
ذكر ما يتعلق بالجامع الأموي:
ذكر أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه" حكايةً في الأموال التي بنى بها الوليد جامع دمشق وسببها، فحكى عن أصبغ بن محمد بن لَهيعة السَّكسكي -من أهل بيت قومًا قرية بغوطة دمشق- قال: مرَّ الوليد برجل من العمال في المسجد، فرآه يبكي فقال: ما يبكيك؟ فقال: كنت حمالًا، فلقيني رجل فقال: أتحملني إلى موضع كذا وكذا؟ فذكر مكانًا في البرية، فقلت: نعم، فحملتُه وسرنا فقال: إن بلَغْنا المكان الذي ذكرت لك أغنيتُك، وإن مت قبل البلوغ إليه فاحمل جثتي إلى المكان الذي أصف لك، فإن ثَمَّ قصرًا خرابًا، فإذا وصلت إليه فعدَّ سبع شرافات من الناحية الفلانية، واحفر تحتها قدر القامة، فإنه سيظهر لك بلاطة فاقلعها، فإنك تجد مغارة فيها سريران؛ على أحدهما رجل ميت، فاجعلني على السرير الآخر، وحمِّل جِمالك وحمارك من المغارة ما استطعت، وكان معي أربعة أجمال وحمار.
قال: ومات في الطريق، فأتيت القصر، وحفرت تحت الشرافة، فظهرت المغارة، فنزلت إليها وإذا بالرجل مسجى على سرير، وإلى جانبه سرير وليس عليه أحد، فأضجعته كما قال، ووجدتُ من الأموال والجواهر ما لا يوصف، فحمَّلتُ الجمال والحمار، وكان معي مِخْلاة فنسيتُ أن أملأها، وتداخلني الشرَّه فعُدتُ إلى المكان، وتركت الجمال بحالها، فلم أجد المكان، وغُمَّ علي فلم أعرفه، وعدت إلى الجمال