للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وروى الإمام أحمد بن حنبل، عن أبي مِرداس (الرقي، عن إبراهيم بن بكار) الأسدي،] عن يونس بن أبي شَبيب قال (١): شَهِدتُ عمر بن عبد العزيز وهو يطوف بالبيت وإن حُجْزَة إزاره لغائبة في عُكَنِه، ثم رأيتُه بعدما استُخلف، ولو شئتُ أن أعدَّ أضلاعَه من غير أن أَمَسَّها لفعلت.

وقال المدائني: لما ولي عمر الخلافة نظر إلى ما كان له من عبيد وإماء ورَقيق ومَتاع ولباس وعطر وجوهر وغير ذلك فباعه، فبلغت قيمتُه نيفًا وعشرين ألف دينار، فجعله في سبيل الله، وكان عند فاطمة بنت عبد الملك جوهر له قيمة مثل الدرَّة اليتيمة وقِرطَي مارية، فأمرها فأحضرتْه، فقال: من أين لكِ هذا؟ قالت: من أبي، فقال: إما أن تردّيه إلى بيت المال وإما فارقتك، فقالت: ما كنت لأختارَ عليك الدُّنيا، فردَّته إلى بيت المال، فلما توفي عمر وولي يزيد بن عبد الملك قال: إن شئتِ ردَدْتُه عليك، فقالت: لا والله ما كنتُ لأَطيب به نَفْسًا في حال حياته، ثم أرجع فيه بعد وفاته، لا حاجة لي فيه، فقسمه يزيد في أهله وجواريه.

[وقد أخرج ابن سعد (٢) بمعناه، وفيه أن عمر قال لها: أخرجيه من بيتي فإني أكره أن أكون أنا وهو في بيت، فلما ولي يزيد قال: إن شئت رددته عليك أو قيمته، قالت: لا ذا، ولا ذاك، ولم تأخذ منه شيئًا.]

وقال البلاذري: لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة جاءه رجل نصراني فقال: يا أمير المؤمنين، إن هشام بن عبد الملك غصبني ضيعتي، فقال عمر: أين هشام؟ فجاء فقال: من أين لك هذه الأرض؟ فقال: وَرِثتُها من أبي عبد الملك، فقال: قم فاقعد مع خصمك، قال: أوكّل وكيلًا، قال: لا، قم فاقعد معه، فقام هشام فقعد مع النصراني، وانتهر هشام النصراني وتوعَّده، فقال له عمر: يا أحول، أتَنْتَهِره عندي، إن عُدتَ


(١) ما بين معكوفين من (ص)، وما بين قوسين من "حلية الأولياء" ٥/ ٢٥٧، وانظر "طبقات ابن سعد" ٧/ ٣٧٦.
(٢) في طبقاته ٧/ ٣٨١ - ٣٨٢، وما بين معكوفين من (ص).