وكان عمر ﵁ يبغض آل المهلب ويقول: هم جبابرة، وكان يزيد يكره عمر ويقول: هو مراءٍ.
دخل يزيد يومًا على سليمان وهو يخطر بيده، فقال: إن هذه مِشية يكرهها الله، فقال سليمان لعمر: لا تقل هذا، فقال عمر ﵁: والله إن في رأسه لغَدْرَة، فأغلظ يزيد لعمر وقال: ماذا لَقِينا من لَطِيم الحمار المرائي، فلما ولي عمر ﵁ علم يزيد أنَّه كان بعيدًا عن الرياء.
وفي رواية أن عمر ﵁ كتب إلى عدي بأن يبعث بيزيد إليه موثقًا، فبعث به عديّ مع وكيع بن حسَّان بن أبي سُود التَّميمي مَغلولًا مقيَّدًا في سفينة، فلما انتهى به إلى نهر أبان عوض له أناس من الأزد ليُخلّصوه، فوثب وكيع فقطع قَلْس السفينة، وانتَضى سيفَه، وحلف [بطلاق] زوجته لئن لم يتفرقوا ليضربنَّ عُنُقَ يزيد، فأشار إليهم يزيد فتفرقوا وجاء وكيع بيزيد إلى عين التَّمْر وهناك جند فسلّمه إليهم، فساروا به إلى الشام، ورجع وكيع إلى البصرة (١).
وقال الهيثم: لما ولي عمر بن عبد العزيز وقف على كتاب يزيد بن المهلب إلى سليمان -الكتاب الذي ذكر فيه حديث المال والفتوح، ولم يقف سليمان عليه- فكتب عمر إلى يزيد:
أما بعد، فإن سليمان كان عبدًا من عبيد الله، قبضه الله إليه عند انقضاء أجله، ثم وَليتُ الأمرَ بعده، فبايع مَن قِبَلك، والسلام.
فلما قرأ يزيد كتابه قال: الرجل عازلُنا لا مَحالة، ثم كتب إليه عمر ﵁ كتابًا آخر يأمره بالقُدوم عليه، وأن يستخلف ابنَه مخلد بن يزيد على عمله، فخرج ومعه وجوه أهل خُراسان، وكان وكيع بن حسَّان بن أبي سُود محبوسًا عنده فحمله معه، وكان في عزم يزيد العصيان على عمر ﵁، فلما دخل واسط أراد أن يقصد البصرة؛ وبها عَديّ
(١) "تاريخ الطبري" ٦/ ٥٥٦ - ٥٥٨ وما بين معكوفين منه، و "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٣٤ - ٢٣٦، و "المنتظم" ٧/ ٥٦.