للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن تَنثنِ الدنيا علينا بحالها … فإن لها حالًا وفيها التَّشاجُرُ

فأخرَجَنا منها المليكُ بقدرة … كذلك بالأحوال تجري المقادرُ

أقول إذا نام الخليُّ ولم أنم … إذا العرشِ لا يبعدْ سهيلٌ وعامرُ

وبُدِّلت منها أوجهًا لا أحبها … قبائل منها حميرٌ ويَحابرُ (١)

وصرنا أحاديثًا وكنَّا بغبطة … إلى أن أذلَّتنا السنونَ الغوابرُ

فسحّت دموعُ العين تبكي لبلدةٍ … بها حرمٌ أَمْنٌ وفيها المشاعرُ

قلت: وقول ابن هشام إنّها ليست لمضاض الأكبر فصحيح، لأن الملك الأول يقال له: الحارث بن مُضاض الأكبر في قول ابن إسحاق، والبلاذُري يقول: مضاض، لما نذكر. وهذه الأبيات لآخر ولده هو عمرو بن الحارث بن مضاض الأصغر، وفي أيَّامه زال ملك جرهم فرثاهم بها.

وحكى ابن هشام في "السيرة" أيضًا قال: وجدت مكتوبة باليمن في حجر ولا يعرف قائلها، وهي أوّل شعر قيل في العرب.

وقال البلاذُري: نزلت جرهم بمكة وما والاها، وسمَّوها صلاح مثل قطام، ثم إنهم استخفُّوا بحرمة الحرم وأضاعوا حق الكعبة فوقع فيهم طاعون يعرف بداء العدسة، وقويت عليهم خزاعة فأخرجوهم من الحرم، فنزلوا بين مكة والمدينة فهلكوا بذلك الداء (٢).

وقال البلاذري (٣): وكان أوَّل ملوك جرهم مِضاض -بكسر الميم- بن عمرو بن سعد بن الرفيت بن هي (٤) بن نجت بن جرهم بن قحطان، ملك مئة سنة، ثم ملك بعده ولده عمرو بن مضاض مئة وعشرين سنة، ثم ملك بعده الحارث بن عمرو مئتي سنة، ثم ملك مضاض بن عمرو الأصغر أربعين سنة. وانقضت العرب العاربة من عاد وعبيل وطَسْم وجَدِيس وثمود والعماليق، وانمحت آثارهم وانقطعت أنسابهم، ولم يبق إلا من كان من عدنان وقحطان. ثم صارت ولاية البيت في ولد نزار، وكانت بينهم وبين مضر حروب وبين إياد، فكانت لمضر على إياد فأجلوهم إلى العراق، لما نذكر.


(١) في (ب) و (ل): ويخامر، والمثبت من "السيرة" ١/ ١١٥.
(٢) أنساب الأشراف ١/ ٩ - ١٠.
(٣) القول للمسعودي في مروج الذهب ٣/ ١٠٣.
(٤) في مروج الذهب: بن الرقيب بن هيني.