للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتخربوا دياركم، وأقيموا وا حملوا إلى الحَرَشيّ الخَراج الماضي، والتزموا أن تحملوا إليه خَراج المستقبل، وأن تَغْزُوا معه إن أرادَ ذلك، واعتذروا إليه ممَّا مضى، وقولوا غلبَنا التُّرك، وأعطُوه رهائن تكونُ عنده. فقالوا: نخافُ أن لا يرضى، ولكنَّا نأتي خُجَنْدَة، فنستجير بملكها، ونُرسل إلى الحَرَشي فنستوثق (١) منه.

وساروا حتى نزلوا شِعْبَ عاصم (٢) بن عبد الله الباهليّ من أرض فَرْغانة؛ كان قتيبةُ بنُ مسلم خلَّفَه فيه، فنُسب إليه.

وفيها كثُر فسادُ يزيدَ بنِ عبد الملك، فتنقَّصه أخوه هشام بنُ عبد الملك وتمنَّى موته، فكتب إليه يزيد:

أمَّا بعد، فقد بلغني استثقالُك حياتي واستبطاؤك موتي، ولعمري إنك بعدي لواهي الجناح، أجذمُ اليد، وما أستوجبُ منك ما يبلغُني عنك.

فكتب إليه هشام: متى فرَّغتَ سَمْعَك [لقول] أهل الشنآن وأعداء النعمة؛ يوشك أن يؤثر ذلك في فساد ذات البَين وقطع الأرحام، والسلام.

فكتب إليه يزيد: احفظ وصية أبينا عبد الملك فينا وأنا غافرٌ ما قيل عنك، ومكذِّبٌ به.

وكتب في أسفل الكتاب:

وإنِّي على أشياءَ منك تُرِيبُني … قديمًا لَذُو صَفْح على ذاك مُجْمِلُ

ستَقطعُ في الدُّنيا إذا ما قَطَعْتَني … يَمينَك فانظرْ أيَّ كفَّيكَ تُبْدَلُ (٣)

وحجَّ بالناس [في هذه السنة] عبدُ الرحمن بنُ الضحَّاك الفِهْريّ وهو والي مكة والمدينة، وكان على الطائف عبدُ الواحد بنُ عبد الله النَّصْري (٤)، ولَّاه يزيد إيَّاه في


(١) في (خ) (والكلام منها): فنستومن (؟) وما أثبتُه أقرب إلى رسم الكلمة ومعنى عبارة الطبري وابن الأثير، وهي: ونوثق له ألا يرى أمرًا يكرهه. ينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ٦٢١، و"الكامل" ٥/ ١٠٤.
(٢) في المصدرين السابقين: عصام.
(٣) مروج الذهب ٥/ ٤٥٩ - ٤٦١. والشعر لمعن بن أوس كما في "العقد الفريد" ٤/ ٤٤٤. والخبر فيه بنحوه.
(٤) بالصاد المهملة نسبة إلى بني نصر بن معاوية كما ذكر السمعاني في "الأنساب" ٧/ ٩٢ - ٩٣. وتحرف في (خ) إلى: البصري، وفي "تاريخ" الطبري ٦/ ٦٢٠ إلى: النضري. وهو من رجال التهذيب، وله ترجمة في "تاريخ =