للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشعبيّ: ما كتبتُ سوداء في بيضاء قطّ، وما حدَّثني أحدٌ بحديث فأحببتُ أن يُعيده عَلَيَّ (١).

وكان يقول: ليتني أفْلَتُّ من علمي كَفَافًا لا لي ولا عَلَيَّ (٢).

وكان يحدَّث الحديث بالمعنى.

ووقف على قوم وهم ينالون منه ولا يرَوْنَه، فقال:

هنيئًا مريئًا غيرَ داءٍ مُخامرٍ … لِعَزَّةَ من أعراضنا ما استحلَّتِ (٣)

وكان عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قد ولَّى الشعبيَّ قضاء الكوفة، فتقدَّم إليه اثنان، فقال الشعبيّ لأحدهما: إن لم تُعطه حقَّه، أو جاء بك مرَّةً أخرى لأحبسنَّك ولو كنتَ [ابن] عبد الحميد (٤).

وكان يقضي في المسجد، ويصبغ بالحِنَّاء، ويلتحفُ بملحفة حمراء (٥).

وقال أبو حنيفة: رأيتُ الشعبيَّ يلبس الخَزَّ، ويجالسُ الشعراء، ويلبسُ الفِراء ويقول: دباغُها طُهُورُها (٦).

وكان ابنَ سبع وسبعين سنة وهو يقرضُ الشِّعْر (٧).

وقيل له: يا أبا عَمرو، كم أتى عليك من السنين؟ فقال:

باتَتْ تَشَكَّى إليَّ الموتَ مُجْهِشَةً … وقد حملتُكِ سبعًا بعد سبعينا

إنْ تُحْدِثي أملًا يا نفسُ كذبةً … إلى الثلاث تُوَفِّينَ الثمانينا (٨)


(١) المصدر السابق ٨/ ٣٦٨، وتاريخ دمشق ص ١٥٧ (طبعة مجمع دمشق - جزء فيه بعض تراجم حرف العين).
(٢) طبقات ابن سعد ٨/ ٣٦٨، وحلية الأولياء ٤/ ٣١٣، وتاريخ دمشق ص ١٧٥.
(٣) طبقات ابن سعد ٨/ ٣٦٩، وتاريخ دمشق ص ١٩٦ - ١٩٧. والبيت لكُثَيِّر عَزَّة، وهو في "ديوانه" ص ٧٨.
(٤) طبقات ابن سعد ٨/ ٣٧٠، وتاريخ دمشق ص ٢١٩ (الطبعة المذكورة قبل) وما بين حاصرتين منهما. ومن قوله: وقال الشعبي: ما كتبتُ سوداء … إلى هذا الموضع، ليس في (ص).
(٥) طبقات ابن سعد ٨/ ٣٧١.
(٦) قول أبي حنيفة: "رأيتُ الشعبيّ يلبس الخَزَّ ويجالس الشعراء" في "طبقات" ابن سعد ٨/ ٣٧٠، وأما قوله: يلبس الفِرَاء ويقول: دباغُها طهورُها، فهو فيه ٨/ ٣٧٢ من كلام صالح بن أبي شعيب. وقولُه: "دباغُها طهورها" رُوي مرفوعًا عن عدد من الصحابة، ينظر حديث عائشة "مسند" أحمد (٢٥٢١٤).
(٧) طبقات ابن سعد ٨/ ٣٧٣.
(٨) بنحوه في "طبقات" ابن سعد ٧/ ٣٧٣، وتاريخ دمشق ص ٢٠٠. والبيتان بنحوهما للبيد، ينظر "ديوانه" ص ٣٥٢.