للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم وَليَ مروان، فضربَ ابن حسَّان مئة سوط، ولم يضرب أخاه، فكتب ابنُ حسان إلى النُّعمان بن بشير وهو بالشام، فأخبره، وكان مكينًا عند معاوية، فأخبر النُّعمانُ معاويةَ، فكتب إلى مروان يعزمُ عليه أن يجلد أخاه مئة، فجلده خمسين، فقال أهلُ المدينة: حدَّه حدَّ العبيد. فقال عبد الرحمن لأخيه مروان: فضحْتَني بين الناس، لا حاجةَ لي بما تركتَ. فضربه تمام المئة (١).

شبَّب عبد الرحمن بنُ حسَّان بامرأةٍ من أهل المدينة، فأرسلت إليه: أنا أختُك من الرَّضاع (٢)، فقال:

دَعَتْني أخاها بعدَ ما كان بينَنا … من الأمر ما لا يفعلُ الأخَوانِ

تقول وقد جَرَّدْتُها من ثيابها … وقلَّص عن أنيابها الشفتانِ

تعلَّم يقينًا أن مروانَ قاتلي … ومنزوعة من ظهرك (٣) العَضُدانِ

وكان مروان على المدينة، وبلغ المرأةَ فقالت: لعنه الله، واللهِ ما رآني قطّ، ولا أعرفُه.

مات عبد الرحمن سنة أربع ومئة (٤)، وعاش تسعين سنة (٥).

وأسند عن أبيه، وزيد بن ثابت، وأمه سِيرِين.

وروى عنه ابنُه سعيد بن عبد الرحمن وغيرُه، وكان قليلَ الحديث.

وكان له من الولد إسماعيل، وأمُّ فِراس، والوليد؛ أمُّهم أمُّ شيبة بنت السائب بن يزيد من كِنْدة، وسعيد؛ كان شاعرًا لأمِّ ولد، وحسان، والفُريعَة (٦).


(١) ينظر "الأغاني" ١٦/ ٣٨ - ٣٩، و"التذكرة الحمدونية" ٧/ ٢٢٢.
(٢) كذا وقع في (خ) (والكلام منها) لكن الخبر المذكور وقع لعبد الرحمن بن الحكم مع أخيه مروان وفيه أنه كان يشبّب بنسائه. ينظر "تاريخ دمشق" ٩/ ٩٢٤ (مصورة دار البشير).
(٣) في (خ) (والكلام منها): كفّك. والمثبت من المصدر السابق.
(٤) ذكره خليفة في "طبقاته" ص ٢٥١، ونقله عنه ابن عساكر في "تاريخه" ٩/ ٩١٦ (مصورة دار البشير) وقال: ولا أُراه محفوظًا. وينظر التعليق التالي.
(٥) ذكر ابن عساكر وغيرُه أنه عاش ثمانية وأربعين عامًا. قال ابن حجر في "الإصابة" ٧/ ٢١٣: إن ثبت أنه وُلد في العهد النبوي وعاش إلى سنة أربع ومئة؛ يكون عاش ثمانيًا وتسعين، فلعل الأربعين محرّفة عن التسعين.
(٦) طبقات ابن سعد ٧/ ٢٦٢.