كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان

السنة الخامسة بعد المئة - يزيد بن عبد الملك - ج: 10 - ص: 415

واللهِ كذلك. قالت: يمنعك؟ فواللهِ إنَّ المكان لخالٍ. قال: إني سمعتُ أن الله تعالى يقول: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخوف: ٦٧] وأنا أكره أن تكون خُلَّةٌ ما بيني وبينكِ تؤول إلى العداوة يومَ القيامة. قالت: يا هذا، أفحسبتَ أنَّ ربي وربَّك لا يقبلُنا إذا تُبنا إليه؟ قال. بلى، ولكنْ لا آمنُ أن أُفاجأ.

ثم نهض وعيناه تَذْرِفان، فلم يرجع بعد [ذلك] وعاد إلى ما كان عليه من النُّسُك (١)،

وفيها يقول عبد الله بن قيس الرُّقَيَّات:

لقد فَتَنَتْ رَيَّا وسلَّامةُ القَسَّا … فلم تتركا للقَسِّ عقلًا ولا حِسَّا (٢)

وقال الهيثم: اشترى يزيدُ بن عبد الملك سلَّامة قبل الخلافة بأربعة آلاف دينار، فأُعجبَ بها، وغلبت عليه، وكان تحته سعدى بنت سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان بن عفان (٣)، ويقال لها: العثمانية؛ تزوَّجها في حجَّته في أيام أخيه سليمان على عشرين ألف دينار، وتزوَّج في هذه الحَجَّةِ رُبيحة بنت محمد بن عبد الله بن جعفر على عشرين ألف دينار أيضًا، واشترى سلَّامة في هذه الحجة (٤)، فلما رأَتْ سعدى ميله إلى سلَّامة اشترَتْ له حَبَابةْ، فغلبت عليه، فَلَهَا عن سلَّامة ووهَبَها لسعدى.

وقال الزُّبير بن بكَّار: كانت سلَّامة من أحسن النساء وأكملهنّ، قرأَت القرآن، وقالت الشعر ورَوَتْهُ، وكان الأحوص وعبد الرحمن بنُ حسان يجلسان إليها ويُنشدانِها، فعلقت بالأحوص، وصرفت عن عبد الرحمن، فقال (٥):

---

(١) التوابين لابن قدامة ص ٢٣٧، وقد أخرجه من طريق ابن أبي الدنيا، وهو في "تاريخ دمشق" ص ١٩٠ (طبعة مجمع دمشق - تراجم النساء)، وبنحوه في "أنساب الأشراف" ٧/ ١٩٧، ١٩٨، و"الأغاني " ٨/ ٣٥٠.
(٢) في "الأغاني" ٨/ ٢٣٥، وتاريخ دمشق" ص ١٨٧: نَفْسا.
(٣) كذا في (خ) (والكلام منها) وهو خطأ، والصواب أنها سَعْدَة بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان كما في "أنساب الأشراف" ٧/ ١٩٩، و"الأغاني" ١٥/ ١٢٤ (والخبر فيها بنحوه): وأما تلك فهي زوجه الوليد بن يزيد -. ينظر "الأغاني" ٧/ ٢٦.
(٤) في "أنساب الأشراف" ٧/ ٩٩؛ أن يزيد اشترى سلَّامة لما ولَّي الخلافة، وجاء أول الخبر: قبل الخلافة. وينظر "مروخ الذهب" ٥/ ٤٤٦ - ٤٤٧.
(٥) هذا الخبر مرويّ في في سلَّامة جارية يزيد بن معاوية كما في "الأغاني" ٩/ ١٣٤. والظاهر أن المصنف جعلهما واحدًا (إن لم يكن واهمًا). وقد فرَّق ابنُ عساكر أيضًا بينهما في "تاريخ دمشق" (تراجم النساء) ص ١٨٣ و ١٨٧.