واختلفوا في قوله: ﴿وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ٧٨] والظاهر أنها الفاحشة المشهورة. الثاني: أنه الرمي بالبندق. والثالث: مضغ العلك.
وقال ابن عباس: الفواحش التي كانوا يعملونها: اللواط، والوشم، والرمي بالبندق، ومضغ العلك، والبصاق في الماء، وفي وجوه بعضهم لبعض، والضُّراط بالفم، واللعب بالحمام، والنرد، والشطرنج، والتنابز بالألقاب، واستغناء النساء بالنساء.
وقال السُّدي: فقال لوط للأضياف وهو يمشي معهم إلى بيته: أما بلغكم أمر أهل هذه القرية؟ قالوا: وما أمرهم؟ قال: أشهد بالله إنها لشرُّ قريةٍ في الأرض عملًا، قال ذلك أربع مرَّات، فدخلوا معه منزله، ولم يعلم بهم إلا أهل بيت لوط، فخرجت امرأته -واسمها واغلة- فأخبرت قومها وقالت: إن عند لوط رجالًا ما رأيت مثل وجوههم قط، وقيل: إنها كانت تدخِّن، وهي العلامة بينها وبينهم ﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيهِ﴾ أي: يسرعون ويهرولون ﴿وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ٧٨] أي: من قبل مجيء الرسل إلى لوط.
وقال الربيع: أوَّل من رأى الملائكة ابنتا لوط، واسم الكبرى ريثا وقيل: رية، واسم الصغرى: زعورا، وقيل: عروبة. فقال جبريل للكبرى: يا جارية هل من منزل؟ قالت: نعم مكانَكُم حتى آتيكم، لا تدخلوا القرية فإني أخاف عليكم أهلها. ثم جاءت أباها فقالت: أَدْرِكْ فتيانًا على باب القرية ما رأيت أحسن وجوهًا منهم، لا يأخذهم قومك فيفضحونهم. فخرج إليهم فأتى بهم منزله، وعلم قومه فجاؤوا مسرعين، فأخذ يتلطفهم ويقول: اتقوا الله ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ [هود: ٧٨] يعني بالنكاح، وهنَّ محل الحرث لا الفرث.
واختلفوا في بناته على قولين: أحدهما: أنه أراد بنات نفسه. والثاني: بنات القبيلة.
فإن قيل: فكيف قال: ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي﴾ وكن كفارًا؟ فالجواب من وجهين: أحدهما: أنه أراد بنات صلبه، فيسقط السؤال. والثاني: بناتي على شرط الإسلام. والثالث: أنه كان فيهم سيّدان معظَّمان، فأراد أن يزوِّجهما ابنتيه ويجوز تزويجه بنات الأنبياء من الكفار، فقد زوَّج النبيُّ ﷺ ابنتيه: زينب من أبي العاص ابن الربيع، ورقيَّة من عتبة بن أبي لهب، وكانا كافرين.