للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوَّةٌ للمسلمين (١)، وقد بلغني أنَّ أهل السُّغْد وأشباههم لم يُسْلِمُوا رغبةً، وإنما دخلوا في الإسلام تعوُّذًا من الجزية، فانظر من اختتنَ وأقام الفرائض وقرأ سورًا من القرآن وحسُن إسلامُه؛ فارفع عنه خَراجَه.

وعزلَ ابنَ أبي العَمَرَّطة، وولَّى هانئ بن هانئ (٢)، فكتب إلى أشرس: إن الناس قد أسلموا وبنَوا المساجد. وشكا إلى أشرس دهاقينُ بُخارى كَسْرَ الخَراج، فكتب إلى هانئ: خُذ الخَراج. فأعاد الجزية على من أسلم، فامتنعوا.

وخرج من السُّغْد سبعة آلاف، فنزلوا على سبعة فراسخ، فخرج إليهم هانئ في جيش وألحَّ عليهم في جباية الجزية، فكفر أهل السغْد وبُخارى ومن كان أسلم، واستجاشوا التُّرك (٣)، فأَقبل خاقان في جيوشه، وقطع أشرس النهر -وقيل لم يقطعه- ونزل آمُل، وجاء بعض عسكر خاقان فقطع النهر، ثم عادوا وقد أصابوا رجالًا من المسلمين.

ومضى أشرس فنزل بِيكَنْد، وقطعَ التُّرك عنهم الماء وعطشوا، وزحف إليهم الترك، فقاتلوهم، فقتلوا من المسلمين جماعةً، وقاتلهم المسلمون، فمات بالعطش منهم سبعُ مئة، ثم انتحى المسلمون وحملوا، فأزالوا التُّرك عن الماء، واقتتلُوا إلى الليل، وعاد العدوّ طالبين بلادهم.

وسار أشرس حتى نزل على بُخارى، فحصرها، وكان نصر بنُ سيَّار بسمَرْقَنْد.

وجرت لأشرس مع التُّرك حروبٌ كثيرة ووقائع، تارةً له وتارةً عليه، وعاد إلى خُراسان وقد قُتل أعيان المسلمين وأشراف القبائل (٤).

وحجَّ بالناس إبراهيم بن هشام المخزومي، والعمال بحالهم.


(١) في سياقة الكلام في "تاريخ" الطبري ٧/ ٥٥، أن غوزك (صاحب السُّغد) كتب إلى أشرس: إن الخراج قد انكسر، فكتب أشرس إلى ابن أبي العمرَّطة: إن في الخراج قوَّة للمسلمين … إلخ.
(٢) "تاريخ" الطبري ٧/ ٥٥: عزل ابن أبي العمرَّطة عن الخراج وصيَّره إلى هانئ بن هانئ.
(٣) أي: طلبوا منهم جيشًا.
(٤) ينظر الخبر بتمامه وتفصيله في "تاريخ" الطبري ٥/ ٥٤ - ٦٠، وقد وقع هنا مختصرًا جدًّا. ومن قوله: فلما أسلموا أخذ منهم الجزية (أول هذه السنة) … إلى هذا الموضع، ليس في (ص).