للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخوَّفَنا، فبكَينا، فلما فرغَ من قصصه قال: اختموا مجلسَنا بلعنةِ أبي تراب. فلعنوا أبا تراب.

[قال الجُنيد:] فقلتُ لمن عن يميني: ومَنْ أبو تراب؟ فقال: عليُّ بنُ أبي طالب ابنُ عمِّ رسول الله ﷺ زوجُ ابنتِه، وأبو الحسن والحسين. قال الجُنيد: فقمتُ إليه -وكان ذا وَفْرَة- فأخذت بوَفْرَتِه وجعلتُ ألطمُ وجهَه ورأسَه بالحائط، وصاحَ، واجتمعَ الناسُ، فوضعوا ردائي في عنقي وساقُوني إلى هشام [بن عبد الملك] والقاصّ يمشي قدَّامي، فدخلنا على هشام، فصاح أبو شيبة: يا أمير المؤمنين، قاصُّك وقاصُّ آبائك وأجدادك يُفعل به هذا؟ قال: ومَنْ فعلَه؟ فأشار إليَّ، فقال لي هشام وعنده أشراف الناس: أبو يحيى! متى قدمتَ؟ فقلت: أمسِ، وكنتُ على المصير إلى أمير المؤمنين، فأدركَتْني الجمعةُ وصلَّيت، وخرجتُ إلى باب الدرج (١)، فإذا هذا الشيخُ يقصُّ على الناس، فبكَينا، ودعا فأمَّنَّا، ثم قال: اختموا مجلسَنا بلعنةِ أبي تراب، فسألتُ: من أبو تراب (٢)؟ فقال لي رجل: علي بنُ أبي طالب، ابنُ عمِّ رسول الله ﷺ، وصهرُه على ابنتِه، وأوَّلُ القوم إسلامًا. فواللهِ لو ذكرَ قرابةً لك بمثل هذا لفعلتُ به ما فعلتُ، أفلا أغضبُ لابن عمِّ رسول الله ﷺ؟! فقال هشام: بئس ما صنع! ثم عقدَ لي على السِّند، وقال لجلسائه: مثلُ هذا لا يُجاورُني في بلد (٣) فيُفسدَ عليَّ البلد. فباعَدَ بِهِ إلى السِّند.

رَوَى ذلك ابنُ عساكر عن جُنادة بن عَمرو بن الجُنيد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جدِّه الجُنيد.

قال: فمضى، فماتَ بالسِّند، وهو على باب السِّند مُصَوَّرٌ، بيده اليمنى سيف، وفي [يده] الآخرى كيس يُعطي منه الدراهم (٤).


(١) في (ب) و (خ) و (د): الجامع. والمثبت من (ص)، وهو موافق لما في "تاريخ دمشق" (٤/ ٢٧ (مصورة دار البشير- ترجمة جنادة بن عمرو)، وسلف ذكره أول الخبر.
(٢) في (ص): عن أبي تراب.
(٣) في (ص): البلد.
(٤) الخبر بتمامه في "تاريخ دمشق" ٤/ ٢٧ - ٢٨ (مصورة دار البشير- ترجمة جُنادة بن عمرو).