للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ميمون بزَّازًا وهو على الخَراج يجلسُ في حانوته، فكتب إلى عمر يستعفيه من الخَراج، فكتب إليه عمر: إنما هو درهمٌ تأخذه من حقِّه وتضعُه في حقّه، فما استعفاؤك من هذا؟

فلمَّا وليَ يزيد بن عبد الملك أقام على الخَراج أشهرًا.

وكان وليَ قبلَ ذلك بيت المال بحرَّان لمحمد بن مروان، فكتبَ إليه غَيلان القَدَريُّ يعظُه في ذلك، فقال ميمون: وَدِدْتُ - واللهِ - أن حدقتي سقطت (١)، ولم أعمل عملًا (٢). قيل: ولا لعمر بن عبد العزيز؟ فقال: ولا لعمر بن عبد العزيز.

وقال: أدركتُ من لا يتكلَّم إلا بحقّ أو يسكتُ، وأدركتُ مَنْ لم يملأ عينيه من السماء فَرَقًا من ربه، وأدركتُ من أستحيي أن أتكلَّم عنده (٣).

[وقال خَلَف بن حَوْشَب: تكارينا دوابَّ مع ميمون إلى مكان معروف، فقال: لولا ذلك لمررنا على آل فلان] (٤).

وقال أحمد بنُ عبد الله العِجْليّ: كان ميمون إذا رأى شابًّا حسنَ الفعل، ولم يكن على طريقةٍ مُرضيةٍ ابتدأه بالسلام وأكرمَه ولاطفَه، ثم يقول له: ها هنا مريضٌ؛ اذْهَبْ بنا نعوده، ها هنا جنازةٌ؛ اذْهَبْ بنا نحضرها، فيذهب معه، فإذا خلا الفتى بأصحابه قالوا له: ما قال لك ميمون؟ فيخبرهم، فلا يزال به حتى يَنْسُك (٥).

وكان يقول لأصحابه: قولوا في وجهي ما أكره، فإنَّ الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره (٦).


(١) في (خ) و (د) (والكلام منهما): سقطتا. والمثبت من "طبقات" ابن سعد ٩/ ٤٨٣. وعبارة "حلية الأولياء" ٤/ ٨٦: وددتُ أن إحدى عيني ذهبت وبقيت الأخرى أتمتع بها.
(٢) في المصدرين السابقين: ولم ألِ عملًا.
(٣) تاريخ دمشق ١٧/ ٤٧٣، وبنحوه في "صفة الصفوة" ٤/ ١٩٤.
(٤) ما بين حاصرتين من (ص) والخبر في "تاريخ دمشق" ١٧/ ٤٨٠، و"صفة الصفوة" ٤/ ١٩٣.
(٥) بنحوه في "تاريخ دمشق" ١٧/ ٤٧٨، و"مختصره" ٢٦/ ٦٥.
(٦) حلية الأولياء ٤/ ٨٦، وتاريخ دمشق ١٧/ ٤٨٣، وصفة الصفوة ٤/ ١٩٣. ولم يرد هذا القول ولا الخبر قبله في (ص).