للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال:] وسكن علي الشَّراة من أرض البلقاء، وكان له دارٌ بدمشق قِبليّ سوق الدوابّ (١).

و [قال المدائني:] كان صديقًا لعبد الملك بن مروان، وكان [عبد الملك] يحترمُه، دخل عليه يومًا والبرد شديد وقد حال بينهما دخان العُود، فقال له: احمدِ اللهَ يا أمير المؤمنين على ما أنت فيه من الدِّفْء، وممَّا الناسُ فيه من البرد. فقال له عبد الملك: يا أبا محمد، أبعْدَ ابن هند؟! كان أميرًا عشرين سنة، وخليفةَ مثلُها، أصبحَ تهتزُّ على قبره يَنْبُوتة، ما هو إلا كما قال الشاعر:

وما الدَّهْرُ والأيامُ إلا كما ترى (٢) … رَزِيَّةَ مالٍ أو فراقَ حَبِيبِ

وإنَّ امْرَأً قد جرَّبَ الدَّهْرَ لم يَخَفْ … تصرُّفَ عصرَيهِ لَغيرُ أرِيبِ

ودخل عبد الملك بن حُريث بن عبد الله (٣) العُذري (٤) على الوليد بن عبد الملك وهو خليفة، فسأله حَمَالةً (٥)، فزَبَرَهُ الوليد بنُ عبد الملك وقال: أنت صِهْرُ لَطيم الشيطان، -يعني عمرَو بنَ سعيد الأشدقَ، وكانت أمُّ حبيب بنت حُريث العُذْريّ (٦) تحت عَمرو، وولَدَتْ له سعيدًا وأميَّة- فقال: ما أنا صهرَ لَطِيم الشيطان، أنا صهرُ أبي أميَّة عَمرو بن سعيد.

ثم أنشدَ شعر يحيى بن الحكم فقال:

وما كان عَمرٌو عاجزًا غيرَ أنَّهُ … أتَتْهُ المنايا بغتةً وهو لا يدري

فلو أنَّ عَمرًا كان بالشام زُرْتُهُ … بأغوارها أو حَلَّ يومًا على مِصْرِ


(١) المصدر السابق ٥١/ ٣٦.
(٢) في "أنساب الأشراف" ٣/ ٨٢: أرى. وينظر الخبر فيه.
(٣) في "أنساب الأشراف" ٣/ ٨٠: عبد الملك بن عبد الله بن نُديرة.
(٤) في (ب) و (خ): العدوي. والمثبت من (د)، وهو موافق لما في المصدر السابق. والكلام من هذا الموضع إلى الكلام عن وفاته (قبل ذكر أولاده) ليس في (ص).
(٥) الحَمَالة: هي ما يحملُه قوم عن قوم من ديّة أو غرامة، ولم تُجوَّد اللفظة في (ب) و (خ) (والكلام منهما) فوقع رسم اللفظة: حاله. والمثبت من "أنساب الأشراف" ٣/ ٨٠. وسترد اللفظة على الصواب أواخر الخبر.
(٦) تحرفت في النسخ إلى: العدويّ.