للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال [ابن أبي الدنيا بروايته عن] سعيد بن مسلمة بن هشام الأموي [قال:] كانت أمُّ البنين تبعثُ إلى نسائها فتجمعهنّ (١)، فيتحدَّثن عندها وهي تصلِّي، ثم تنصرف إليهن، فتقول: أُحبُّ حديثَكنَّ، فإذا دخلتُ في صلاتي لَهَوْتُ عنكنَّ (٢).

وكانت تكسوهنَّ الثياب الحسنة، وتُعطيهنَّ الدنانير، وكانت تقول: [لكلّ شيء، أو:] لكل قوم نَهمة في شيء، ونَهْمَتي في العطاء والصِّلة، وواللهِ إنَّ البذل والمواساة أحبُّ إليَّ من الطعام الطيِّب على الجوع، ومن الشراب البارد على الظمأ.

وقالت: ما حسدتُ أحدًا على شيء إلا أن يكون في معروف، فإني كنتُ أُحبُّ أن أشرَكَه فيه.

[قال:] وكانت تُعتق في كلِّ جمعة رقبةً، وتحملُ على فرسٍ في سبيل الله (٣).

وكانت تقول: البخيل من بخل على نفسه بالجنة (٤).

وكانت تقول: إنَّ من كنوز الذخائر عند الله حُسنَ الضمائر في خلقه.

وقالت: ما تحلَّى المتحلُّون بشيءٍ أحسنَ من تحلِّيهم بعِظَم مهابة الله في صدورهم، وما استشعر المستشعرون بمثل الخوف من الله تعالى (٥).

و [قال ابن أبي الدنيا بإسناده عن مروان بن محمد بن عبد الملك قال:]

دخلت عَزَّةُ كُثَيِّر عليها، فقالت لها ما قال كُثَيِّر:

قضى كلُّ ذي دَينٍ فوفَّى غَرِيمَهُ … وعَزَّةُ مَمْطولٌ مُعَنًّى غَرِيمُها

ما كان هذا الدين يا عَزَّة؟ فاستحيَتْ، فقالت: عليَّ ذاك [قالت:]، كنتُ وعَدْتُهُ قُبلةً فتحرَّجْتُ منها. فقالت لها: أنْجِزِيها له، وعليَّ إثْمُها. ثم إنها ندمَتْ وأعتقتْ لهذه الكلمة أربعين رقبةً، وكان إذا ذكَرَتْها بكَتْ وتقول: يا ليتني خَرِسْتُ ولم أتكلَّم بها (٦).


(١) في (ص): فيجتمعن.
(٢) صفة الصفوة ٤/ ٢٩٩، والتوابين ص ١٧٠. وما سلف بين حاصرتين من (ص).
(٣) ينظر ما سبق في "صفة الصفوة" ٤/ ٢٩٩.
(٤) التوابين ص ١٧٠. ولم يرد هذا القول في (ص).
(٥) الشطر الأول من هذا القول في "صفة الصفوة" ٤/ ٣٠٠. ولم يرد في (ص).
(٦) هو في "المنتظم" ٧/ ١٨٤ من طريق ابن أبي الدنيا. ومن طريق آخر في "تاريخ دمشق" ص ٤٨١ - ٤٨٢، و"التوابين" ص ١٦٨ - ١٦٩.