للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شادَ الملوكُ قصورَهم وتَحَصَّنُوا … من كلِّ طالبِ حاجةٍ أو راغبِ

فإذا تلطَّفَ للدُّخول عليهمُ … عافٍ تَلَقَّوْهُ بوعدٍ كاذبِ

فارْغَبْ إلى مَلِكِ الملوكِ ولا تَكُنْ … يا ذا الضَّراعةِ طالبًا من طالبِ (١)

وقال الخرائطي: قال بعض الحكماء: المالكُ [للشيء] (٢) هو المسلَّط عليه، فمن أحبَّ أن يكون حرًّا فلا يهوى ما ليس له، وإلا صار عبدًا، قال عُروة بن أُذينة:

فما كيِّسٌ في الناس يُحْمَدُ رأيُهُ (٣) … فيوجدُ إلا وهْو في الحبِّ أحمقُ

وما من فتىً ما ذاق طعمَ مرارةٍ … فيعشقُ إلا ذاقها حين يعشقُ

ووقفت سُكَينة بنتُ الحسين على عروة ومعها جَوارٍ، فقالت: يا عمّ، تدَّعي النُّسُكَ وتقول:

إذا وجَدْتُ أُوَارَ الحبِّ في كَبِدي … عَمَدْتُ نحو سقاءِ القومِ أبتردُ

هَبْني بَرَّدْتُ ببرد الماء ظاهرَهُ … فمَنْ لنارٍ على الأحشاءِ تَتَّقِدُ

ثم التفتَتْ إلى جواريها وقالت: هنَّ أحرارٌ إن كان هذا خرج من قلب صحيح (٤).

وقال عبد الله بن عُبيدة (٥) بن عمَّار بن ياسر: قلت لأبي السائب المخزومي: لقد أحسن عُروة بن أُذينة حيث يقول:

نزلوا ثلاثَ منىً بمنزلِ قلعةٍ (٦) … وهُمُ على غَرَضٍ لَعَمْرُكَ ما هُمُ

متجاورين بغير دار إقامةٍ … لو قد أجَدَّ رحيلُهم لم يندموا

ولهنَّ بالبيت العتيقِ لُبانةٌ (٧) … والبيتُ يعرفُهنَّ لو يتكلَّمُ


(١) تاريخ دمشق ٤٧/ ٢٠٥ (طبعة مجمع دمشق). وهي في "عيون الأخبار" ٣/ ١٨٧ (باختلاف يسير) مع بيت رابع، ونُسبت فيه لمحمود الوراق. قوله: عافٍ. يعني طالب معروف.
(٢) ما بين حاصرتين زيادة لضرورة السياق.
(٣) في (ب) و (خ) و (د): يحذر أنه (؟) والمثبت من"تاريخ دمشق"٤٧/ ٢١٢.
(٤) تاريخ دمشق ٤٧/ ٢١٢ - ٢١٤. وينظر "الأغاني" ١٨/ ٣٢٩ - ٣٣٠.
(٥) في "تاريخ دمشق" ٤٧/ ٢١١، و"الأغاني" ١٨/ ٣٣١: بن أبي عُبيدة.
(٦) في المصدرين السابقين: غبطة.
(٧) اللُّبانة: الحاجة من غير فاقة، ولكن من نهْمَة.