للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غد. فلما كان من الليل توضَّأ وصلَّى وقال: اللهمَّ إنْ كان صادقًا فأدِّ إليه، وإن كان كاذبًا فابتله في بَدَنه. [قال:] فجيء بالرجل من الغد وقد ضَرَبَ شِقَّه الفالج (١)، فقال: ما لك؟ فقال: أنا الذي جئتُك بالأمس ولم يكن لي عليك شيء، وإنما قلتُ: تستحيي من الناس فتعطيني. فقال له: تعود؟ فقال: لا. فقال. اللهمَّ إن كان صادقًا فألْبِسْهُ العافية. فقام الرجل كأنَّه لم يكن به شيء.

وقال [ابن أبي الدنيا عن] السَّريّ (٢) بن يحيى: اشترى حبيبٌ طعامًا في مجاعة أصابت الناس، فقسَمَه على المساكين، ثم خاط أكيسةً، فجعلها تحت فراشه، ثم دعا الله، فجاء أصحابُ الطعام يتقاضَوْنه، فأخرج تلك الأكيسة، فإذا هي مملوءةٌ دراهم، فوزنَها، فإذا هي حقوقهم، فدفعها إليهم.

[وروى ابن أبي الدنيا عن السريّ أيضًا قال:] كان حبيب (٣) يُرى يوم التروية بالبصرة، ويرى يوم عرفة بعرفات.

[وروى ابن أبي الدنيا عن] عبد الواحد بن زيد [قال:] كنا عند مالك (٤) بن دينار ومعنا محمد بن واسع وحبيب أبو محمد، فجاء رجل فكلَّم مالكًا وأغلظَ له في قِسْمَةٍ قَسَمَها فقال: وضعتَها في غير موضعها، وتبعث بها إلى أهل مجلسك ومن يغشاك لتكثر غاشيتك وتصرفَ وجوه الناس إليك. فبكى مالك وقال: واللهِ ما أردتُ هذا. قال: بلى، أردتَ هذا. ومالك يبكي والرجل يُغلظ له، فلما كثَّر الرجلُ رفع حبيب يديه إلى السماء وقال: اللهم إنَّ هذا قد شغلَنا عن ذكرك، فأرِحْنا منه كيف شئت. [قال:] فسقَطَ الرجلُ ميِّتًا، فحمله أهله على سرير.

وكان أبو محمد مستجابَ (٥) الدعوة.


(١) في (ص): بالفالج.
(٢) في (ب) و (خ) و (د): وقال السريّ … والمثبت عبارة (ص). والكلام بين حاصرتين منها. والخبر في "تاريخ دمشق" ٤/ ١٧٣ (مصورة دار البشير).
(٣) في النسخ المذكورة: وقال السري: كان حبيب … والمثبت عبارة (ص) وما بين حاصرتين منها. والخبر في "تاريخ دمشق" ٤/ ١٧٥.
(٤) في النسخ: وقال عبد الواحد بن زيد: كنا عند مالك .. ، والمثبت عبارة (ص). وما بين حاصرتين منها. والخبر في "تاريخ دمشق" ٤/ ١٧١.
(٥) في (ص): مجاب.