للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان جُدَيع بمَرْو، فلمَّا جاءه كتاب يوسف صَعِدَ المنبر، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم ذكر ما كان في خُراسان من الفتن وغلبة الأعداء، وذكر أسدًا وترحَّم عليه، وذكر أنَّ اللهَ أخمد به الفتن، وفتح البلاد، وذكر أخاه خالدًا بالجميل وأثنى عليه، وذكر قدوم يوسف بن عمر العراق، وحثَّ الناس على الطاعة ولزوم الجماعة، ثم قال: غفر الله للميِّت -يعني أسدًا- وعافَى اللهُ المعزول -يعني خالدًا- وبارك للقادم - يعني يوسف بن عمر. ثم نزل (١).

وفيها عُزلَ الكِرْمانيُّ هذا عن خُراسان، ووليَها نصرُ بنُ سيَّار بن ليث بن رافع من بني بكر بن عبد مناة بن كِنانة، وأمُّه زينب بنت حسان من بني تغلب (٢).

وسببُ ولايته أنَّ أسدًا لمَّا توفّي استشار هشامٌ أصحابَه فيمن يولِّي خُراسان، فأشاروا عليه بأقوام، وكان فيمن سمَّوْا عثمان بنُ عبد الله بن الشِّخِّير، ويحيى بن الحُضين بن المنذر الرَّقاشي، ونَصْرُ بنُ سيَّار الليثيّ، وقَطَن بن قُتيبة بن مسلم، والمجشِّر بن مُزاحم السُّلَمي، فقال: صِفُوهم لي، فقالوا: أمَّا عثمانُ فصاحبُ شراب، وأمَّا [ابنُ] حُضين ففيه تِيهٌ شديد، وأمَّا قَطَن فرجلٌ موتور، وأما المجشِّر فشيخ هرم (٣). وسكتوا عن نَصْر بنِ سيَّار، فقال: أُولِّيها نَصْرًا. فقالوا: ليس له بها عشيرة. فقال هشام: أنا عشيرتُه. ثم بعث بعهده مع عبد الكريم بن عقبة الهِفَّاني (٤).

وقيل: إن هشامًا استشار أصحابَه، فذكروا له الكِرمانيَّ، ووصفُوه بالحزم والشجاعة، فقال: ما اسمه؟ قالوا: جُدَيع. فتطيَّر منه وقال: لا حاجةَ لي فيه، وسمَّوْا له يحيى بنَ نُعيم الشيباني من ربيعة، فقال: ربيعة لا يُسَدُّ بها الثُّغُور. فوصفُوا له عقيل بن معقل الليثيّ وقيل: ليس بالعفيف، فقال: لا حاجةَ لي فيه. وسمَّوْا له جماعةً، ووصفُوا بعضهم بالشُّؤم، وبعضَهم بالكذب، حتى وصفُوا له نَصْرَ بنَ سيَّار، فقال باسمه، فولَّاه (٥).


(١) تاريخ الطبري ٧/ ١٥٤.
(٢) المصدر السابق.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٥٥: هِمّ، بدل: هرم. والمعنى متقارب.
(٤) تاريخ الطبري ٧/ ١٥٤ - ١٥٥، وفيه: عبد الكريم بن سَلِيط بن عقبة الهِفَّاني.
(٥) المصدر السابق ٧/ ١٥٥ - ١٥٦.