للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما بلغ خالدًا وفاةُ أسد أخيه، بكى بكاءً عظيمًا، وتأسَّف وقال: رحم الله أسدًا، واللهِ ما مشيتُ قطُّ نهارًا إلَّا ومشى خلفي، ولا مشيتُ ليلًا إلَّا ومشى أمامي، ولا علا قطُّ بيتًا أنا تحتَه (١).

وقال سليمان بن قتَّة، وكان صديقًا لأسد:

سَقَى اللهُ غيثًا (٢) حَزْنَ بَلْخٍ وسَهْلَهَا … ومَرْوَى خُراسانَ السحابَ المُجمَّمَا

وما بي لتُسقاهُ ولكنْ لحفرةٍ (٣) … بها غَيَّبُوا شِلْوًا (٤) كريمًا وأعظُما

فقد كان يُعطي السيفَ في الرَّوْع حقَّهُ … ويُرْوِي السِّنانَ الزَّاعِبيَّ (٥) المُقَوَّما

وقال العبديُّ، ويقال له: ابن عِرْس (٦):

نَعَى أسدَ بنَ عبدِ الله ناعٍ … فَرِيعَ القلبُ للمَلِكِ المُطاعِ

ببَلْخٍ وافقَ المقدارُ يسري … وما لقضاءِ ربِّك من دِفاعِ

فجُودي عينُ بالعَبَراتِ سَحًّا … ألم يُحْزِنْكِ تفريقُ الجِماعِ

أتاه حِمامُهُ في جوف نجدٍ (٧) … وكم بالصِّيغ من بَطَلٍ شُجاعِ

كتائبُ قد يُجيبون المنادي … على جُرْدٍ مُسَوَّمةٍ سِراعِ

سُقِيتَ الغَيثَ إنك كنتَ غَيثًا … مَرِيعًا عند مُرتادِ النَّجاعِ

أسند أسدٌ عن أبيه، وعن ابن عفيف الكندي، وروى عنه سَلْم بن قُتيبة الباهليُّ وغيرُه.

وقال البخاري: أسدُ بنُ عبد الله القَسْريُّ دمشقيٌّ ثقة (٨).


(١) المصدر السابق ٢/ ٨٠١.
(٢) في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٤١، و"تاريخ دمشق" ٢/ ٨٠١: بلخًا.
(٣) في المصدرين السابقين: ولكنَّ حفرةً.
(٤) يعني جَسَدًا.
(٥) نسبةً إلى زاعِب، رجل أو بلد، أوهي سِنانٌ (رماح) إذا هُزَّتْ كأنَّ كُعوبَها يجري بعضها في بعض للينها. (القاموس: زعب).
(٦) واسمُه خالد بن المعارك، كما سلف أواخر أحداث سنة (١١٢) (قبل التراجم).
(٧) كذا في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها). وفي "تاريخ" الطبري ٧/ ١٤١، و"تاريخ دمشق" ٢/ ٨٠١: صِيغ. والصِّيغ: ناحية بخراسان، وذكر ياقوت في "معجمه" ٣/ ٤٣٩ أن أسدًا هلك بها.
(٨) لم أقف على هذا القول للبخاري، وذكره العقيلي في "الضعفاء" ١/ ٢٧ ونقل عن البخاري قوله فيه: لم يتابع في حديثه، وذكره. وينظر "التاريخ الكبير" ٢/ ٥٠.