للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا قد شرطوا عليه شروطًا؛ منها: أنْ لا يُعاقبَ من كان مسلمًا وارتدَّ عن الإِسلام، ولا يؤخذون بما كانوا أخذُوه من بيت المال، ولا يُؤخذ أُسارى المسلمين من أيديهم إلَّا بحكم حاكم وشهادة العدول.

وأنكر أمراءُ (١) خُراسان وأشرافُهم ذلك، فكلَّموا نصرًا، فقال: أما واللهِ لو عاينتُم نكايتَهم في المسلمين، وشدَّةَ شوكتهم؛ لما أنكرتُم ذلك.

ثم كتب كتابًا إلى هشام، وبعثَ رسولًا في ذلك، فأبى هشام أن يُنفذ الصُّلح، فقال له الرسول: ما جَرَّبْتَ يَا أمير المُؤْمنين حَرْبَهم ونكايتهم في المسلمين، فقال له الأبرش الكلبي: يَا أمير المُؤْمنين، تألَّف القوم، فقد عرفتَ نكايتَهم. فأمضى الصُّلْح على ذلك (٢).

وفيها بعث يوسفُ بنُ عمر الحكمَ بنَ الصَّلْت إلى هشام يسألُه أن يضمَّ إليه خُراسان مع العراق حسدًا منه لنصر بن سيَّار، فإنَّه كانت قد حَسُنت سيرتُه، فلم يلتفت إليه هشام، وكتب إلى يوسف: فيما قِبَلَك كفايةٌ، ولك فيه سَعَةٌ، فدع الكنانيَّ وعملَه (٣).

وفيها غزا نَصْرُ بنُ سيَّار غزوةً ثانيةً إلى فَرْغَانة، وغَنِمَ غنائم كثيرة، وبعث معن بن أحمر (٤) إلى هشام، فجعل معن طريقه على العراق، فاجتمع بيوسف بن عمر، فقال: يَا ابن أحمر، أيغلبكم ابن الأقطع يَا معاشر قيس على سلطانكم. يعني نصرًا. فقال: قد كان ذلك. فقال: إذا وَرَدْتَ على أمير المُؤْمنين فابقر بطنَه.

فلما قدم [على] (٥) هشام سألَه عن أمر خُراسان، فأثنى على يوسف بن عمر بخير، فقال: ويحك! أخْبِرْني عن خُراسان! فقال: ليس لك جند أعزّ ولا أكرم؛ إلَّا أنَّه ليس لهم قائد. قال: ويحك! فما فعل نصرُ بنُ سيَّار؟! قال: إنه لا يَعْرِفُ ولدَه من الكِبَر.


(١) في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها): قرّاء. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ١٩٢.
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ١٩٢.
(٣) ينظر الخبر في المصدر السابق ٧/ ١٩٢ - ١٩٣ مطولًا.
(٤) تحرفت في (ب) و (خ) و (د) إلى: بن أَحْمد. والتصويب من "تاريخ" الطبري ٧/ ١٩٣، و"الكامل" ٥/ ٢٥٢. ووقع في "تاريخ"الطبري: مغراء، بدل: معن. والكلام ليس في (ص).
(٥) لفظة "على" بين حاصرتين زيادة من عندي لضرورة السياق.