للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و [روى أبو نعيم عن مالك قال:] (١) كان [عامر] يقف عند موضع الجنائز يدعو وعليه قَطِيفة، وربَّما سقطت عنه وما يشعر بها، وربَّما خرج منصرفًا (من العتمة) (٢) من مسجد رسول الله ، فيعرضُ له الدعاء في الطريق قبل أن يصل إلى منزله، فيرفعُ يديه ويدعو حتَّى يُنادَى بالصبح، فيرجع إلى المسجد، فيصلِّي الصبح بوضوء العَتَمة.

وكان يفرِّقُ البَدْرة؛ عشرةَ آلاف درهم، فيُمسي وما معه منها درهم.

و [روى ابنُ أبي الدنيا أن عامرًا] كان يتحيَّنُ العُبَّاد وهم سجود: أَبا حازم، وصفوان بن سُليم، وغيرهما، فيأتيهم بالصُّرر فيها الدنانير والدراهم، فيضعها عند نعالهم بحيث يُحسُّون بها ولا يشعرون بمكانه، فيقال له: هلَّا أرسلتَ بها إليهم؟ فيقول: أكرهُ أن يتمعَّرَ وجهُ أحدِهم إذا نظر إلى رسولي أو لقيَني (٣).

و [قال الزُّبير بن بكار:] كان [عامر] إذا شهد جنازة وقف على القبر وقال: ألا أراك ضيقًا (٤)؟ واللهِ لأوسعنَّك، ألا أراك مظلمًا؟ واللهِ لأُنوِّرَنَّك. ثم يرجع، فأوَّلُ شيءٍ تقعُ عليه عيناه من ماله تقرَّبَ به إلى ربِّه، وإنْ كان رقيقُه ليتعرَّضُون له عند انصرافه من الجنائز ليُعتقهم (٥).

و [قال الزُّبير بن بكَّار: فحدَّثني عمِّي مصعبُ بنُ عبد الله قال:] سمع [عامر] صوتَ المؤذِّن وهو يجودُ بنفسه، ومنزلُه قريب من المسجد، فقال: خُذُوا بيدي. فقالوا: إنك عليل. فقال: أسمعُ داعيَ الله فلا أجيبُه؟! فأخذوا بيده، فدخلَ إلى صلاة المغرب، فركع مع الإِمام [ركعة] ومات (٦).


(١) ما بين حاصرتين من (ص). والخبر في "حلية الأولياء" ٣/ ١٦٦.
(٢) قوله: من العتمة (بين قوسين عاديين) من المصدر السابق.
(٣) صفة الصفوة ٢/ ١٣١.
(٤) في (ب) و (خ) و (د): لا أراك إلَّا ضيقًا. والمثبت من (ص) وهو موافق لما في المصدر السابق.
(٥) صفة الصفوة ٢/ ١٣١.
(٦) المصدر السابق ٢/ ١٣١ - ١٣٢.